الجمعة 22 نوفمبر 2024 08:43 مـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    المقالات

    مجدي درويش يكتب عن السوق فى الشريعة الإسلامية ”الجزء الأول ”

    مصر وناسها

    إن الإسلام شرع الأحكام الشرعية لينظم مناحي الحياة المختلفة وواجب المسلم الالتزام بشرع الله عز وجل، ومن ضمن ذلك هو ما ورد من أحكام شرعية في السوق وآدابها، ولقد أصبح التسوق أمرا يوميا يمارسه الناس وإن لا شك أن الإسلام قد نظم جميع نواحي حياة الفرد المسلم والمجتمع المسلم، وقد اعتنى العلماء ببيان الأحكام والآداب المتعلقة بالسوق قديما وحديثا، وقد ورد ذكر الأسواق في الكتاب والسنة، فقال الله تعالى فى سورة الفرقان "وما ارسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلوا الطعام ويمشون فى الأسواق" وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرتاد الأسواق حتى إن المشركين عابوه بذلك، كما قال الله تعالى حاكيا عنهم فى سورة الفرقان "وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا"

    وقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما قدمنا المدينة قلت هل من سوق فيه تجارة؟ قال سوق قينقاع، وقال أنس بن مالك رضى الله عنه قال عبد الرحمن بن عوف "دلوني على السوق" وقال عمر "ألهاني الصفق بالأسواق" وقال ابن بطال أراد بذكر الأسواق إباحة المتاجر ودخول الأسواق للأشراف والفضلاء وكأنه أشار إلى ما لم يثبت على شرطه من أنها شر البقاع، وعن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق" وقال ابن بطال وهذا خرج على الغالب، وإلا فرب سوق يذكر فيها الله أكثر من كثير من المساجد، والغرض منه هنا ذكر السوق فقط وكونه كان موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

    وكان يتعاهده الفضلاء من الصحابة لتحصيل المعاش للكفاف وللتعفف عن الناس، ومن واجب المسلم أن يلتزم بالأحكام الشرعية في كل أقواله وأفعاله، وأن يتعلم الأحكام الشرعية التي تعينه على ذلك، قال عطاء وهو من التابعين "مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وتحج وأشباه هذا" وقال الشوكاني، التفقه في الدين مأمور به في كتاب الله عز وجل، وفي صحيح الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس ذلك بخاص بنوع من أنواع الدين، بل في كل أنواعه، فيندرج تفقه التاجر للتجارة تحت الأدلة العامة، ولا شك أن أنواع الدين تختلف باختلاف الأشخاص دون بعض، فمثلا التاجر المباشر للبيع والشراء.

    أحوج لمعرفة ما يرجع إلى ما يلابسه من غيره ممن لا يلابس البيع إلا نادرا، ومن أحكام السوق بشكل عام أنه من دخل السوق فيستحب له أن يدعو بهذا الدعاء الذي ورد في الحديث عن عمر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قال حين يدخل السوق لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة وبنى له بيتا في الجنة" رواه ابن ماجة، فهذا الحديث يدل على أن هذا الدعاء مشروع عند دخول السوق، ويشمل ذلك محلات البيع والشراء وإن كانت منفردة، وكما ينبغي للمسلم أن لا يذهب للسوق إلا عند الحاجة.

    لما في كثرة التردد على الأسواق من حرص على الدنيا، ومن الافتتان بملاذها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها" رواه مسلم، وقال الإمام النووي، قوله "وأبغض البلاد إلى الله أسواقها" لأنها محل الغش والخداع والربا والأيمان الكاذبة وإخلاف الوعد والإعراض عن ذكر الله وغير ذلك مما في معناه، والحب والبغض من الله تعالى إرادته الخير والشر أو فعله ذلك بمن أسعده أو أشقاه، والمساجد محل نزول الرحمة، والأسواق ضدها، واحذر أن تكون من المتكالبين على الدنيا الحريصين عليها، فلا تكونن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فإن ذلك شر عظيم.