الجمعة 22 نوفمبر 2024 03:38 مـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    المقالات

    مجدي درويش يكتب عن المسجد والسوق والعلوم الشرعية والدنيوية ”الجزء الرابع”

    مصر وناسها

    ونكمل الجزء الرابع مع المسجد والسوق والعلوم الشرعية والدنيوية، وفي الأسواق النسائية يكون التطبيق، فالرجل الذي ترك زوجته تضع عباءتها المزينة على كتفيها، بغطاء رقيق شفاف، قد شقته بعيون جريئة، وألوان حولهما جذابة، تمشي في الشوارع والأسواق مشية المختالة، المعجبة بشبابها، المزهوة بفتنتها، مرة تتظاهر بإصلاح عباءتها فتفتحها لتبدي زينتها للعيون المشبوبة، ومرة تلتفت إلى الرجال مصوبة لهم نظرات الإغراء بحجة البحث عن أي شيء، فماذا تنتظر مثل هذه المخاطرة بأعز ما تملك، التي استبعدت كل الاحتمالات الرهيبة من وراء ذلك، فأين هى من قول بارئها عز وجل "وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"

    ولقد غفلت هذه الفتاة وغفل أهلها أن النظر بريد الزنا، وأن السفور دعوة سافرة للفاحشة، وأن التبرج استعداد مبطن لذوي النفوس الجشعة، الباحثة كالذئاب الجائعة عن لحوم مكشوفة، وأن الله تعالى صيانة لعرض المسلمة نهاها حتى عن إلانة الكلام للأجانب فقال تعالى " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض" فهى غفلت وغفل أهلها عن أن من أهمل زرعه رعت فيه السائمة، وأن من ترك الحبل، فقد الغارب وما حمل، وأن جرح العرض لا يكف عن النزيف أبدا، فقد غفلت وغفل أهلها أن أكثر الوقائع المروعة بدأت من خلو الجو للمجرم، يرمي رقما، يخدع به أنوثتها، ويدنو به من خيمتها، ويصبر ويصبر حتى يدوس أرضها، ويصرع عفتها.

    ويذل عشيرتها، يتتبع خطوات الشيطان خطوة خطوة حتى تصل مركبته إلى غايتها المؤقتة، وإلى لحظتها الرهيبة، التي يهتز لها عرش الرحمن، يتصور لها في البداية بشرا سويّا، ثم ملاكا طاهرا، فإذا وقعت في الفخ كشف لها عن رأس شيطان وأخلاق خنزير، فإنها بدلا من أن تخرج من بيتها وهي تدعو "بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله" ليقال لها كفيتى ووقيتى وتنحى عنها الشيطان، بدلا من هذا الهدي النبوي الكريم تراها قد خرجت بكامل زينتها، قد استشرفها الشيطان، حتى إن الشباب بدأوا يصيحون بكل حرارة أمسكوا بالفتيات المتبرجات، فهن أساس الجريمة الخلقية، فإن أول عقبة تضعها المرأة في وجه الشاب المتسكع هو حشمتها.

    حتى قيل أنه يجب على كل فتاة أن تكون ملتزمة في ملبسها وتصرفاتها فالشاب إذا لم يجد تشجيعا أو من تتجاوب معه سوف يخرج من السوق خائبا، وما من علم تحتاجه الأمة المسلمة إلا وللمسجد فضل في تطويره ونشره، ورفع مستواه، وحث الناس على الاقتباس منه، والانتفاع من درره، سواء كان عمليا أو نظريا، سواء كانت علوم دنيا أو آخرة، فالمسجد ركن ركين للعلم، ومعين قوي لا ينضب، ومنهل ينهل منه أفراد المجتمع ما يروي نهمهم، ويشبع رغباتهم، ويعطيهم قوة علمية، وشحنة إيمانية تدفع عنهم الشكوك والأوهام، وتحميهم من سموم الأعداء ونفثاتهم المحمومة المسعورة التي يحاولون بها الدس والتضليل، وذر الرماد في العيون السليمة.

    لتنعكس مرئياتها ومفاهيمها، وتعشو أبصارها، وتشوش أفكارها، يحاولون بذلك إرضاء نزعاتهم ونزواتهم، فيقول تعالى "ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون" فكان المسجد أعظم معاهد الثقافة لدراسة القرآن والحديث والفقه واللغة وغيرها من العلوم، وأصبحت كثير من المساجد مراكز هامة للحركة العلمية، وانصرف بعض فقراء المسلمين لطلب العلم في المسجد النبوي الشريف، حيث بنى الرسول صلى الله عليه وسلم الصفة وهي مكان مظلل في شمالي المسجد يأوي إليه فقراء المسلمين الذين حبسوا أنفسهم لطلب العلم، ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس في المسجد النبوي بالمدينة لتعليم المسلمين أمور دينهم، وتبصيرهم عاقبة أمرهم.

    30a445c4c5ec3143a14c284b007c3c06.jpg
    الجزء الرابع المسجد السوق العلوم الشرعية الدنيوية