السبت 23 نوفمبر 2024 02:57 صـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    فتوي و دين

    مجدي درويش يكتب عن نبى الله لوط ” الجزء الرابع ”

    لوط عليه السلام
    لوط عليه السلام

    ونكمل الجزء الرابع مع نبى الله لوط عليه السلام، وقد توقفنا مع فعل قوم لوط عليه السلام وإن بوادر هذه الظاهرة بل الظاهرة نفسها، قد تسربت إلى بلادنا، وأخذ اللواط ينتشر بين أبناء المسلمين بشكل يهدد المجتمع، فالله الله في أولادكم، تفقدوهم، وراقبوهم، ولا بد أن تعلم أيها الأب مع من يسير ولدك؟ ومن يصاحب؟ وعسى أن يسلم بعد كل هذا، من آثار هذه الفاحشة، لأن عاقبتها وخيمة، إنها الخزي والعار في الدنيا والآخرة، وليس بيننا وبين الله نسب ولا قرابة، وإن لم نتدارك أنفسنا ونمنع الفاحشة من مجتمعنا، سيحل بنا ما حل بقوم لوط من الدمار والهلاك، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم، خوف أن يصدقوا بباطل، أو يكذبوا بحق، ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات في واحدة منها يجب تصديقه، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه، وفي واحدة يجب تكذيبه، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه، وفي الثالثة، لا يجوز التكذيب ولا التصديق، كما في الحديث وهو ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه، وقيل أن لوط اسم غير عربى.

    وقومه كذلك غير عرب، مثل نوح وإبراهيم عليهما السلام، وكلها أسماء أعجمية رغم ورودها في القرآن الكريم ولا تتعارض عربية لغة القرآن مع وجود أسماء أعلام أعجمية فيه مترجمة إلى العربية، ومكتوبة بحروفها وأنه مصروف وإن كان أعجميا لكونه اسما ثلاثيا ساكن الوسط مثل إسم نوح، واشتق الناس من لفظ اسمه فعلا من فعل فِعل الفاحشة أي فاحشة قوم لوط، ولكنه اشتق من لفظ لوط الناهي عن ذلك لا من لفظ المتعاطي له، وأما عن الرأي الثاني يتفق مع الرأي الأول، وهو أن لوط اسم أعجمي، ولكن لفظة اللواط ليست مشتقة من الاسم الأعجمي لوط، بل، هي كلمة عربية مشتقة لها صور متعددة، فهي من لاط الشيء وكذلك فإن تلك اللفظة اللواط تأتي بمعنى التصق أيضا فنقول لطت الحوض لوطا، وإن أمددته بالطين، أي طيَّنته بالطين، وعلى النقيض، يعتقد البعض أن اسم لوط بذاته هو اسم عربي وأنه سمي لوطا لأن حبه لاط بقلب إبراهيم، أي تعلق به ولصق، ويري البعض أن الرأي الأخير واضح ضعفه ولبسه، فالظن بكون اللفظة لواط مشتقةً من الاسم لوط والربط بينهما لكون الفاحشة ظهرت في قوم لوط هو ربط غير سليم، فالكلمتين ليستا من أصل واحد لأن لوط اسم علم أجنبي غير عربي أصلا.

    وهو موجود في العبرية بمعنى السكير العربيد وهذا يُنافي الرؤية الإسلامية للأنبياء قطعا، فهو إذا اسم غير مشتق، لا يبحث عن مادة اشتقاقه في العربية، ولا عن جذره الثلاثي، أما اللواط، فهو كلمة عربية مشتقة، لها صورة فعلية ومصدرية، فاللوط كلمة تدل على اللصوق، فيقال لاط الشيء بقلبي، إذا لصق وفي الحديث "الولد ألوط بالقلب" فالأرجح أن العرب عندما سموا الفاحشة القبيحة لواطا، ما أرادوا أخذ الاسم من لوط عليه السلام، وإنما أخذوه من معنى الكلمة في اللغة فإذا كان اللوط يدل على اللصوق، فقد سموا إتيان الرجل للرجل لواطا لأنهما يلتصقان معا عند ارتكابهما تلك الفاحشة، وعلى كل فمن المستخدم بكثرة قولهم شخص لوطيّ، واللوطى يقصدون به الشاذ جنسيا، وحينها يقصد أن الشخص يعمل عمل قوم لوط عليه السلام، فهي نسبة إلى قومه، وليس إليه، حاشاه عليه السلام واللفظ المركب تركيبا إضافيا مثل قوم لوط، وإن هناك اختلاف في نسب لوط عليه السلام، والسبب في ذلك يرجع إلى أن القرآن الكريم والسنة النبوية لم يتطرقا إلى هذا الأمر فاستمدت المعلومات المتعلقة في نسب لوط عليه السلام وعائلته من مصادر متعددة، وعموما، فإن نسبه يدل على صلة القرابة بينه وبين إبراهيم عليه السلام.

    وذلك على الرغم من الاختلاف في جهة نسبه فقد ذكر أنه لوط بن هاران بن تارخ ابن أخي إبراهيم، وكما ذكر أيضا أنه ابن عم نبى الله إبراهيم عليه السلام، وعموما، فنسب نبى الله لوط عليه السلام حسب ما اشتهر بين رواة معظم أهلِ التاريخ والسير المسلمين هو لوط بن هارون بن تارح، وتارح هو آزر، ولوط هو ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السلام، ويمتد النسب حتى يصل إلى سام بن نوح، وهو حسب رواية ابن كثير، لوط بن هاران بن تارح وهو آزر، بن نهور بن صاروخ بن رؤو بن فلك بن عبير وقيل عابر، هود بن شالخ بن أرفاخشند بن سام بن نوح بن لميك بن متشلخ بن خنوخ وهو إدريس بن يارد بن محليل بن قنان بن عنوش بن شيث بن آدم عليه السلام، وهذه الرواية موافقة لما في العهد القديم، في حين أن ابن إسحاق يروي أن لوطا يمتد نسبه إلى هود، وأن هودا من ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح، ويُلاحظ من تلك الروايات أيضا أنَهم ينسبون لوط عليه السلام إلى تارح وأن تارح هو أبو إبراهيم وهو هو آزر المذكور في القرآن نصًا بأنه أبو إبراهيم، ولكن هناك رأيا آخر بأن أبا إبراهيم تارح لم يكن هو هو آزر، وأن آزر هو اسم صنم كان أبوه يخدمه، حسب قول ابن عباس رضى الله عنهما.

    ويقول ابن كثير، فكأنه غلب عليه آزر لخدمته ذلك الصنم وأيضا، فقد يسوق العلماء روايات من العهد القديم بأن تارح عاش سبعين سنة، وولد أبرام وناحور وهاران، وولد هاران لوطا، ومات هاران قبل تارح أبيه في أرض ميلاده في أور الكلدانيين، ويحقق المؤرخون المسلمون أن حياة لوط كانت معاصرة بالتأكيد لحياة نبى الله إبراهيم عليه السلام، على أنهم يذكرون كذلك أنه من خلال النظر المباشر في ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، يتبين أنهما لم يوضحا تحديدا الفترة الزمنية التي عاش خلالها لوط أو التي قامت فيها دعوته، وعلى أية حال، فإنه يذكر البعض أنه بين ولادة إبراهيم ونوح ثمانى مائة وتسعين سنة كما تشير التوراة، وأنه إذا أضفنا عُمر نبى الله نوح عليه السلام وهو أكثر من تسعمائة وخمسين سنه فيمكن حينها أن نحدد الفترة التي عاش فيها لوط عليه السلام من تاريخ الإنسانية بعد الطوفان، ويُذكر أيضا أن هلاك قوم لوط عليه السلام كان في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وأن ديار قوم لوط عليه السلام وموقعها الجغرافي هو سدوم الواقعة بالقرب من قرية صوغر، ولكن الرؤية الإسلامية لا تتفق مع الرؤية التوراتية بالضرورة، وكذلك فهي لا تعتد بالإسرائيليات كمصدر يقينى.

    وتختلف الرؤية الإسلامية عن موطن لوط عليه السلام تبعا لعدة آراء تتمحور في ثلاثة منها، فيرى بعض من علماء أهل السنة أنه لا يمكن التعرف أو التحقق على أصل قوم لوط، ولا أسماء القرى التي سكنوها، ولا اسم المنطقة التي كانوا فيها وذلك باتباع منهج التوقف عند حدود ما ورد نصا في القرآن والأحاديث الصحيحة، وأنه لا يصح بتاتا الذهاب إلى الاسرائيليات أو كتب الأخبار والتاريخ والأساطير وذلك لعدم اليقين فيما ورد في تلك الروايات، حيث يرى فريق آخر أنه يمكن التوصل إلى بعض المعلومات عن موطن لوط من خلال المقارنة والاستنباط من المصادر الإسلامية المعتمدة، فيصح أولا، كون قرى قوم لوط كانت في بلاد الشام لأن الأرض المباركة والتي نجى الله إليها إبراهيم ولوطا وبناء على بعض الآيات في القرآن الكريم هي بلاد الشام، وقد أجمع على ذلك جمهور المفسرين، وقال بذلك الإجماع أيضا ابن الجوزي، وكذلك يذكر البغوي في تفسيره من قول الله تعالى " ونجينا لوطا " من نمرود وقومه من أرض العراق، " إلى الأرض التى باركنا فيها للعالمين " يعني، الشام بارك الله فيها بالخصب وكثرة الأشجار والثمار والأنهار ومنها بعث أكثر الأنبياء، والحاصل أن قصة لوط عليه السلام مع قومه.

    إنما هي في بلاد الشام وليست في الهند أو السند أو اليمن أو غيرهم من الأماكن، ويصح ثانيا، كون قرية سدوم هي موضعهم من بلاد الشام، وذلك أن كونها بسبيل مقيم، ويستدعي كونها على طريق ثابتة يسلكها الناس ويرون آثارها، ويمكن إنزال الناس هنا على أنهم قريش، أهل مكة لأن الخطاب موجه إليهم في الآيات من سورة الحجر المكية، فقد كان أهل قريش يمرون على ديار قوم لوط عليه السلام مرة في الصباح ومرة في الليل، وذلك وفق ترتيب سيرهم في السفر، وهذا أيضا مما نص عليه في القرآن الكريم ويقول الفخر الرازى، هذه القرى وما ظهر فيها من آثار قهر الله تعالى وغضبه لبسبيل مقيم ثابت لم يندرس ولم يخف، والذين يمرون من الحجاز إلى الشام يشاهدونها، وفيما سبق مع الوضع في الاعتبار سلوك القادم على ناقته من جزيرة العرب إلى بلاد الشام، وادي عربة مرورا بالبحر الميت، وكون هذا الطريق أسهل عليه من صعود مرتفع مدينة العقبة، دليل كافي للاعتقاد بكون وادي الأردن طريقا مسلوكةً في كافة الاتجاهات فيما مضى، وكذلك فإنه توجد نتائج لأبحاث حديثة تدعم هذا الاعتقاد أكثر وترسيِّه، حيث تثبت وجود طرق وممرات على طول امتداد الشاطيء الشرقي للبحر الميت.