مجدي درويش يكتب عن نبى الله نوح ” الجزء السادس”
كتب مجدي درويش مصر وناسهاونكمل الجزء السادس مع نبى الله نوح عليه السلام، ونبى الله نوح الله عليه السلام هو نوح بن لامك بن متوشلخَ بن خنوخ وهو إدريس بن يرد بن مهلائيل، أو مهلاييل بن قينان، أو قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر، و أن النبي نوح هو أول الرسل، ومن أولي العزم الخمسة، وقد بعثه الله لما عبدت الأصنام والطواغيت، وحاد الناس عن التوحيد، وقد ذكرت قصته في القرآن الكريم، وما كان من قومه، وما أنزل بمن كفر به من العذاب بالطوفان، وكيف أنجاه الله تعالى وأصحاب السفينة في غير ما موضع من القرآن الكريم، ولقد كان البدء فى دعوته عليه السلام بأسلوب اللين والرفق مع المدعوين، والترغيب أولا ثم الترهيب والتوبيخ، ثم التعنيف والتخويف، ثم يدعو الله عز وجل أن يفتح بينه وبين قومه، ولكن وبعد ألف سنة إلا خمسين عاما من الدعوة والجهاد والصبر والتحمل، ماذا كانت حصيلة الدعوة، وماذا كان الحصاد؟ وقال الله تعالى فى سورة هود " حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين واهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل " فهكذا أخبره الله عز وجل أن مهمته أوشكت على الانتهاء.
وأنه لن يستجيب له أحد بعد ذلك، وطالما أن الأمر كذلك، فلا بأس من الدعاء عليهم، فدعا ربه، فاستجاب الله ونجاه ومن معه وأغرق الآخرين، وشتان ما بين بداية الدعوة ونهايتها، فلقد بدأت باللين والرفق والترغيب، وانتهت بأقسى ما يكون، وهو الدعاء عليهم والانتقام منهم وإهلاكهم بالغرق، ورُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال، قال الحواريون لعيسى ابنِ مريم، لو بعثت لنا رجلا شهد السفينةَ، فحدثَنا عنها، فانطلق بهم حتى انتهى بهم إلى كثيب من تراب، فأخذ كفا من ذلك التراب بكفه، وقال أتدرون ما هذا؟ قالوا، الله ورسوله أعلم، قال هذا كعب حام بن نوح، قال، فضرب الكثيب بعصاه، قال قم بإذن الله، فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب، قال له عيسى، هكذا هلكت؟ قال لا، ولكن مِت وأنا شاب، ولكنني ظننت أنها الساعة، فمن ثَم شِبت، قال حدثنا عن سفينة نوح، قال، كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع، وكانت ثلاث طبقات، فطبقة فيها الدواب والوحوش، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطير، فلما كثر أرواث الدواب، أوحى الله إلى نوح أنِ اغمز ذنب الفيل، فغمز فوقع منه خنزير، وخنزيرة.
فأقبلا على الروث، فلما وقع الفأر بجرز السفينة أي صدرها أو أوسطها يقرضه، أوحى الله إلى نوح أنِ اضرب بين عيني الأسد، فخرج من منخره سنور وسنورة، فأقبلا على الفأر، فقال له عيسى عليه السلام، كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت؟ قال بعث الغراب يأتيه بالخبر، فوجد جيفة فوقع عليها، فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت، قال ثم بعث الحمامة، فجاءت بورق زيتون بمنقارها، وطين برجليها، فعلم أن البلاد قد غرقت، قال فطوقها الخضرة التي في عنقها، ودعا لها أن تكون في أنس وأمان، فمن ثَم تألف البيوت، قال، فقلنا يا رسول الله، ألا ننطلق به إلى أهلينا فيجلس معنا ويحدثنا؟ قال كيف يتبعكم من لا رزق له؟ قال، فقال له عُد بإذن الله، قال فعاد ترابا، وقد روى عن الإمام أحمد بن حنبل، قال "لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب، فإنها مناكير، وعامتها عن الضعفاء" وقال الإمام مالك "شر العلمِ الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس" وقد وروى ابن عدي عن أبي يوسف، قال " من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب غريب الحديث كذب" ويجب أن نعلم أن قول الإمام أحمد بن حنبل وقول الإمام مالك بهذا يتبين أن هذه القصة من الغرائب المنكرة جدا.
فليحذر من يتعلق بهذه الواهيات من الظن بأن أب الخنزير هو الفيل، حيث تبين أن القصة واهية منكرة، فلا يصح لها أصل شرعي، ولا حقيقة علمية، حيث تبين من علم الوراثة أن كروسومات نواة خلية الخنزير، تخالف تماما كروسومات نواة خلية الفيل في عددها، وفيما عليها من جينات، ولقد بعث الله تعالى نوح عليه السلام إلى قومه بعد أن ظهرت فيهم الضلالات، والجحود بالله، فكان أول رسول يرسله الله إلى الناس في الأرض، وقد جاء عن ابن جبير، وغيره أن قوم نوح كان اسمهم بنو راسب، وقد كانت بداية عهد قوم نوح بالجحود بالله حينما عبدوا أصناما كان قد بناها من قبلهم من الأجيال لرجال صالحين منهم؛ تخليدا لذكراهم بعد مماتهم، وقد بقيت تلك النصب فترة من الزمن لا تعبد، حتى إذا هلك ذلك الجيل، وذهب العلم، اتخذ الناس تلك التماثيل أصناما يعبدونها من دون الله تعالى، ونبي الله نوح بن لمك بن متوشلخ بن خنوخ، وخنوخ هو نبي الله إدريس عليه السلام، وذكر ابن جرير أن مولد نوح عليه السلام، كان بعد مائة وست وعشرين سنة من وفاة آدم عليه السلام، وبينما نقل عن أهل الكتاب أن مولده كان بعد مائة وست وأربعين سنة.
اقرأ أيضاً
وقد جاء في الحديث أن المدة التي كانت بين آدم ونوح عليهما السلام هي عشرة قرون فقد جاء عن ابن عباس رضى الله عنهما بقوله " كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، قال وكذلك هي في قراءة عبد الله " كان الناس أمة واحده فاختلفوا" وقد تكلم المفسرون في مدة القرن، فقيل إنه يساوي مائة سنة، فيكون بين آدم ونوح ألف سنة، وقيل إن المقصود بالقرن آلاف السنين، أما في ما يتعلق بعمره عند بعثته فقد اختلف فيه المؤرخون، فقد روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن عمره كان ثلاثمائة وخمسين سنة، وقيل خمسين سنة، وذكر ابن جرير أنه كان ابن أربعمئة وثمانين سنة، ولقد وصف الله نبيه نوح عليه السلام في كتابه العزيز بالعبد الشكور، قال تعالى " إنه كان عبدا شكورا" وقد جاء عن أهل التفسير أن سبب وصف نبى الله نوح عليه السلام بهذه الصفة أنه كان لا يأكل طعاما، ولا يلبس لباسا إلا حمد الله عليه، وجاء في كتب التفسير أن نبى الله نوح عليه السلام كباقي الأنبياء كان يأكل من كسب يديه، حيث رُوي أنه كان يحترف النجارة، وقد اتفق مؤرخو الأمة على أن ذرية نبى الله نوح عليه السلام.
كانوا الذرية الوحيدة الباقية بعد هلاك الأمم في الطوفان، فقال تعالى " وجعلنا ذريته هم الباقين" فالبشر جميعا يرجع نسبهم إلى أولاد نبى الله نوح عليه السلام الثلاثة، وهم حام، وسام، ويافث، فأما حام فقد جاء من نسله أهل الحبشة، وأما سام فقد جاء من نسله العرب، وجاء من نسل يافث الروم، ويُشار إلى أن زوجة نوح عليه السلام هي واعلة التي ضرب الله بها مثلا للزوجة التي تخون زوجها، وذلك برفضها الإيمان بالحق الذي جاء به من عند ربه، وقد عاش قوم نبى الله نوح عليه السلام في منطقة جنوب العراق قريبا من الكوفة، وقد اختلف أهل التفسير في مدة حياة نبى الله نوح عليه السلام لعدم ثبوت نص صريح في ذلك، فقد رُويت عن الصحابة والتابعين الكرام عدة أقوال عن مدة حياته عليه السلام فنقل ابن كثير عن قتادة أن نبى الله نوح عليه السلام لبث في قومه قبل أن يبعث ثلاثمائة سنة، ثم لبث ثلاثمائة سنة أخرى يدعوهم فيها إلى التوحيد والإيمان، ثم لبث ثلاثمائة وخمسين سنة بعد الطوفان، فتكون مدة حياته كاملة ألف سنة إلا خمسين، وذكر ابن أبي حاتم قولا عن كعب الأحبار يذكر فيه أن نبى الله نوح عليه السلام لبث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما.
ثم لبث سبعين عاما بعد الطوفان، وجاء عن ابن عباس أيضا أنه عاش ألفا وأربعمائة سنة، وهذا قول وهب بن منبه، وجاء عن عكرمة أن مدة حياته كاملة كانت ألف وسبعمائة سنة، وكما جاء عن عون بن أبي شداد أن نبى الله نوح عليه السلام لبث في قومه ثلاثمائة وخمسين سنة قبل أن يُبعث، ثم بعثه الله فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، ثم توفاه الله بعد الطوفان بثلاثمائة سنة، فيكون عمره كاملا ألف وستمائة وخمسين سنة، ورُوي عن ابن عباس أن نبى الله نوح عليه السلام بعثه الله وعمره أربعون سنة، ثم كانت مدة مُكثه بين قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، ثم توفاه الله بعد ستين عاما من الطوفان، فيكون عمره ألف وخمسين سنة، ولم تثبت قبور الأنبياء عليهم صلوات الله بالتعيين إلا بالبقعة، أو المنطقة، وليس بالتعيين المخصوص بالقبر كقبر النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وما ثبت بخصوص بقية قبور الأنبياء إنما يتعلق بالبقعة والمنطقة التي دُفنوا فيها دون ذكر لمكان القبر على التعيين، واختلف العلماء في مكان قبر نبى الله نوح الله عليه السلام على رأيين، وهما أن قبره موجود ما بين الركن، وزمزم في المسجد الحرام، والمقام.