إسميك: الدول التي تعاني أزمات الحروب والتراجع الاقتصادي تشكل بيئة خصبة لتجارة المخدرات
مصر وناسهاقال الكاتب والمفكر حسن إسميك، إن الدول التي تعاني أزمات الحروب والتراجع الاقتصادي، كالعراق وسوريا مثلاً، ومن انهيار المؤسسات، وضعف الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، تشكل بيئة خصبة تساعد على ازدهار الأنشطة الإجرامية ومنها تجارة المخدرات والترويج لها.
وعبر إسميك، عن دهشته من تباهى بعض الدول بقوتها وتقدمها السياسي والعسكري - والتي تحتل في الوقت ذاته مكانة عالمية متقدمة في الجريمة المنظمة، مؤكدا أن هذا يتطلب التفكير جدياً بعمق الارتباط بين النظام السياسي والمنظمات الإجرامية في هذه الدول، خاصة وأن عامل قوة الدولة يرتبط مع عامل انتشار الجريمة فيها بعلاقة عكسية، كلما زاد أحد الطرفين نقص الآخر، غير أن الارتباط الطردي بين قوة الدولة وقوة الجريمة فيها فيعني أن خلف الأكمة ما خلفها.
وذكر إسميك، أنه في آواخر العام المنصرم، كشف تقرير لمجلة فورين بوليسي عن تعرّض المجتمع السعودي لحالة استهداف ممنهجة من قبل تجار المخدرات في دول الشرق الأوسط، خاصة تلك التي تنشط فيها الميليشيات مثل لبنان وسوريا.
وأكد أنه لم يكن هذا التقرير الأول من نوعه، فقد سبقته تقارير متعددة نشرت خلال الأعوام القليلة الماضية، تشير إلى أن تلك البلدان التي باتت تفتقد الاستقرار بجميع أشكاله، قد تحولت إلى أكبر منتج ومصدر للكبتاغون، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون توارد أخبار عن مصادرة شحنات من المواد المخدرة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، مصدرها العراق أو سوريا أو لبنان. وبصورة أدق فإن المناطق التي يتوفر للنظام الإيراني فيها يدٌ طولى، وقدرة كبيرة على الحركة، والسيطرة على معابر حدودية أو مناطق داخلية مستثناة من سلطات تلك الدول.
اقرأ أيضاً
- إسميك: الحوثي يهدد أمن السعودية والإمارات بأعمال إرهابية
- إسميك يتسائل : هل يمكن لمحمد بن سلمان وحسن نصر العمل معا؟
- إسميك يدعو السعوديين ألا يلتفتوا لمحاولة ترويج الصحافة الغربية حالة من الجدل حول ولي عهدهم
- إسميك: سوريا وأوكرانيا تتشاركان نكبة التردد الغربي وسوء التقدير
- هل غزو أوكرانيا يعزز شعبية بوتين من جديد؟
- إسميك: الإمارات المرشح الأمثل لاستضافة اجتماع تحضره سوريا وجميع وزراء الخارجية بالمنطقة
- إسميك: ولي العهد الأردني أثبت نجاحا غير مسبوق في المهمات التي أُسندت إليه
- إسميك: النظام التعليمي العربي يحتاج إلى إعادة نظر شاملة
- إسميك: النزاع المسلح أحد أخطر التحديات التي تواجه غالبية الشباب
- استئناف فيينا المباحثاتُ النووية الهادفة لإحياء الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي
- جريمة بشعة...ذبح زوجته وتجول برأسها في الشارع (فيديو)
- إنقاذ طبيب من إيران مختطف في أفغانستان
تابع: ولا يخفى أن النشاط الإيراني المرتبط بتصنيع وتصدير المخدرات ونشرها ليس بالأمر المستحدث، بل يعود إلى ثمانينات القرن الماضي، ولقد بقي هذا النشاط يتراوح طيلة سنوات الألفية الماضية ضمن مستويات يمكن إلى حد ما مواجهتها والتقليل من أخطارها.
ونوه بأنه ومنذ الفترة التي تلت سقوط النظام العراقي أدت لانكشاف الحدود العربية مع إيران، أصبحت وتيرة هذا النشاط تزداد عاماً بعد آخر، حتى بات واضحاً أن طهران تعتمد عليه اليوم بشكل أكبر لترسيخ هيمنتها وإحكام قبضتها على دول شرق المتوسط، كما خططت دائماً.
وأشار إلى أن التنظيم الواسع لهذا النشاط واستمرار تدفقه يكشف اعتماده على استراتيجيات مدروسة وبعيدة المدى، تهدف بالمحصلة إلى تخريب العقل العربي عبر إفساد شبابه، مستغلة ما تعانيه هذه الفئة من ضياع وخوف وقلة ثقة بمستقبلها، خاصة في ظلّ سلطات وحكومات تعاني الأزمات وصراعات النفوذ والمحاصصة، أو أخرى ينخرها الفساد ولا يبالي أفرادها سوى بتحقيق مكاسب شخصية، دون أدنى اكتراث بمصير الشباب أو إتاحة مجالات حقيقية لهم في التعليم والعمل والإبداع.
وشدد على أنه أمام هذا الواقع المتردي، لم تدَّخر إيران جهداً في سبيل تحقيق خططها بعيدة المدى، وعمدت إلى صنع وتطوير أدواتها بدءاً من زرع الميليشيات في قلب أراضي عدة دول عربية، وتمويلها وتسليحها ودعمها بشكل دائم، لتتمدد وتزداد قوتها وتضمن الحماية لأنشطتها، حتى يصبح وجودها أمراً واقعاً، وفاعلاً سياسياً وعسكرياً قادراً على فرض نفوذه في عواصم عدة دول عربية كما نرى في لبنان والعراق واليمن وغيرها، والتفكير جدياً بالتمادي نحو عواصم أخرى ما زالت عصيّة على الأذرع الإيرانية واستطالاتها، كما في البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن والسودان وغيرها، وفي تركيا ودول أفريقية أيضاً.
كما تعجب إسميك، من تعمد دولة كاملة "إيران" إلى قيادة تجارة غير مشروعة كالمخدرات، أو الترويج لأنواع من العلاقات الجنسية غير السوية تحت مسمى "زواج" بقصد الإمتاع فقط لا غير، وبفتاوى مسيسة وموجهة وغريبة عن سلامة الفطرة ونقاء الأديان، ولا تمت لتكوين الأسرة واستمرار النسل بصلة.
وأكد أن ذلك كله لا يمكن أن ينجح بشكل عفوي اعتباطي، ولا يمكن أن يحقق الأهداف المقصودة منه إلا عبر تخطيط ممنهج وتنفيذ واع يدرك خفايا الطبيعة البشرية وأسرارها، ويعتمد على توظيف العلوم النفسية في سبيل السيطرة على المجتمعات وإفسادها، وذلك بعد أن تُفصل هذه العلوم عن منظومة قيمها الأخلاقية التي ينبغي أن تحدد طُرق التطبيق العملي لها، حين تصبح هذه التطبيقات المنحرفة للعلوم وسيلة تبررها غايات النظام الإيراني دون أي وازع ديني أو إنساني.
وقال إن استمرار إيران في مخططاتها هذه وغفلة العرب عن التصدي لها سيجعلهم مع مرور بعض الوقت تحت احتلال إيراني فارسي يعيد المآسي التي عانها سابقاً من الاحتلال العثماني خلال عدة قرون.
كما ينبغي التنبه من جهة ثانية إلى أن إيران تستهدف من استرتيجيتها هذه (الغزو عبر المخدرات) وبالدرجة الأولى الدول التي تقف جداراً منيعاً أمام سياساتها وأطماعها في المنطقة كالسعودية الأردن والبحرين، إذ تمثل السعودية، والتي لا تتوقف المحاولات الإيرانية لإدخال المخدرات إلى أراضيها عبر العراق، ثقلاً إقليمياً ودولياً مهماً ضد النظام الإيراني، وكذلك الأردن الذي يستهدف عبر الأراضي السورية واللبنانية، والبحرين بوصفها جسراً للعبور باتجاه عمان.
وكم حري بهذه الدول، وعلى رأسها السعودية، أن تكون متيقظة جداً لأبعاد هذا المخطط الجهنمي الذي يستهدف الشباب العربي عامة، وشباب هذه الدول خاصة.
أضاف إسميك، يتطلب مواجهة هذا الحال استعداداً على أعلى المستويات، يبدأ من إعداد المواطن – الإنسان وتهيئته وتعليمه وتوفير فرص الحياة الكريمة له، والانتباه بشكل خاص إلى فئة الشباب وما تمثله من قاعدة أساسية في مستقبل أيّ شعب ودولة، واحتضان هذه الفئة وربطها بوطنها وقيمه من خلال خلق انتماء حقيقي قائم على فهم حاجات الشباب ودعمهم وإتاحة المجال لهم في مختلف شؤون البلاد، مع ضرورة الدفع ببرامج توعوية حكومية وأهلية، وتوفير الدعم الإعلامي الرسمي والاجتماعي لها، للكشف عن هذه الاستراتيجيات والمخططات وإفشالها وقطع الطريق على واضعيها ومنفذيها. وإلا فإن ضريبة إهمال شبابنا وتركهم لقمة سائغة في فكّ إيران وغيرها ستكون كبيرة حاضراً ومستقبلاً.
كما تتطلب هذه المشكلة المتنامية تكثيف الجهود الدولية لردع إيران وميليشياتها، ووضع حد لاستخدامها المخدرات كسلاح في معركتها مع العالم! وفي سبيل استعادة إرث الإمبراطورية الفارسية كما يحلم قادتها.. يجب فرض أقسى العقوبات عليها نتيجة سلوكها الهدّام هذا، والذي يضاعف من كونها تمثلّ خطراً على الجميع وعلى فرص السلام والاستقرار وبناء الأساس الحضاري في المنطقة برمتها، ليس في الوقت الحاضر فقط بل في المستقبل أيضاً.