إسميك: النظام التعليمي العربي يحتاج إلى إعادة نظر شاملة
مصر وناسهاقال حسن إسميك رئيس معهد السلام للدراسات والبحوث الاستراتيجية، إن التعليم أحد أكبر الأسباب التي تنشأ منه الأزمات التي تعاني منها الدول العربية، منوها بأن ارتفاع عدد الخريجين وحتى الدرجات المرتفعة ليست دليلاً على جودة التعليم.
وأضاف إسميك أن تباين الدول العربية في مستويات التعليم، يرجع لأسباب بعضها مباشر يظهر واضحاً في حال المدارس والمدرسين العرب، وبعضها غير مباشرٍ يرتبط بفلسفة تعليم العلوم في بلادنا، إذ تعتمد المناهج على التلقين، وضخ كميات كبيرة من المعلومات، دون الفهم أو إكساب الطالب منهجاً للتفكير والتحليل.
ونوه بأن الأسلوب المتبع في الامتحانات أو طريقة قياس مستوى الطالب يزيد الطين بلة، إذ يجعل هدف المتعلم منصباً على تحصيل أكبر عدد ممكن من الدرجات للوصول إلى مقاعد الجامعة، أو التباهي والظهور الاجتماعي! أما تحقيق هذا "الإنجاز" فيتم عبر حفظ ما ورد في كتابه المدرسي واسترجاعه بشكل آني وآلي على ورقة الامتحان، أما بعد التخرج ومواجهة الواقع العملي نجده صفر اليدين، وقد يحتاج سنوات من التدريب.
ولفت إلى أنه عندما فكرت بعض الدول العربية تطوير المناهج وتحديثها، اعتمدت ما أود تسميته مجازاً "حوسبة الإنسان" أو "رقمنة الإنسان" انطلاقاً من أن الحواسيب (ذات الذاكرة العالية) هي معيار الذكاء.
اقرأ أيضاً
- إسميك: النزاع المسلح أحد أخطر التحديات التي تواجه غالبية الشباب
- إسميك للملك عبد الله الثاني: أدعو الله أن ترى الأردن دائمًا بخير
- إسميك يخوض في ثقافة ”اللاعنف”.. الطريق الشائك عربيا
- إلى أي مدى ساهم الفشل الأمريكي في اتخاذ أي إجراء للحد من قوة التنظيمات المسلحة في نموها وزيادة نفوذها؟
- إسميك: تراثنا الفكري والديني منبعا غزيرا للغرب وكان الأسس الأولى لليبرالية
- جدل واسع على ”تويتر” بعد تغريدة ”إسميك” حول تهنئة المسيحيين بأعيادهم
- حسن إسميك يوضح الخطايا الستة للقضية الفلسطينية
- إسميك: ادّعاء التفوق والأفضلية تضخم مرضي للذات
- حسن إسميك يكتب: ”صيغة دون معنى”..نهمُ الكلام المجانيّ على المنابر
- إسميك: لا أنكر العداء على الإسلام من غير المسلمين.. وجماعات الإسلام السياسي أكثر ضررا
- إسميك: تيار الإسلام السياسي ينكر علاقته بـ«الدولة الدينية»
- الإمام الطيب يكشف زيف من ادّعوا أن الإمارات تدعو لعقيدة جديدة ”الإبراهيمية”
تابع: وعليه حاولت صنع "الإنسان النموذجي" على غرار تلك الآلات، عن طريق حشو ذاكرة تخزينه (عقله) بكمٍّ لا منتهٍ من المعلومات، متجاهلة أنه وحتى في الحواسيب الذكية، يعدّ "المعالج" لا "القرص الصلب" أهم الأجزاء، فالطريقة التي سوف يتعامل بها مع مجموعة الأوامر التي أدخلت في نظامه هي ما يهمنا وهي ما يصنع الفرق، علماً أن كماً غير مدروس من تلك الأوامر قد يسبب خللاً في كامل الجهاز ويعطله عن العمل.
قال إن الإنفاق على التعليم في الدول العربية لا يتجاوز من 2-4% من الإنفاق العام حسب آخر الإحصائيات.
في حين تبلغ نسبة الأمية فيها نحو 29.7% حسب تقرير صادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو).
وذلك في الوقت الذي أثارت النتائج التي حققتها دول (النمور الآسيوية) في اختبارات التقييم الدولي للطلبة أو ما يعرف بـ (PIZA) اهتمام حتى الدول الأوروبية التي تتميز بدورها بمناهج تعليمية رائدة عالمياً.
واشار إلى أن هناك دولاً عربية تمكنت من تحقيق نتائج جيدة في اختباراتٍ وتقييماتٍ مماثلة، تتمتع هذه الدول بمستويات نمو عالية قياساً بشقيقاتها، ما يثبت حتمية الترابط وتبادلية العلاقة بين التعليم والتنمية، فالتقدم والرخاء يحسن مستوى التعليم، مثلما يولد التعليم "الصحيح" نمو اقتصادياً.
ولفت إلى أن كثيراً من الشباب العربي يُظهر تفوقاً دراسياً وعملياً خارج بلدانهم، في أوروبا وأمريكا مثلاً، حيث تسمح بيئة التعليم بتفجير القدرات واستثمارها، لأنها مهيأة ومعدة على أساس التعليم الذي يحاكي واقع وحاجة هذه الدول، ومعه التدريب والتأهيل وتنمية المهارات. على عكس الدول العربية التي يكون سوق عملها في وادٍ ومناهجها التعليمية والتدريبية -إن وجدت- في وادٍ آخر.
وشدد على أن النظام التعليمي العربي يحتاج إلى إعادة نظر شاملة، تبدأ بالمناهج ولا تنتهي عند واضعيها أو طريقة تدريسها، مع التركيز على التدريب العملي المستمر، ليطغى إكساب المهارات على التلقين الذي حول أطفالنا إلى ببغاوات تردد دون أن تفهم خوفاً من العقاب المدرسي والأسري، فتصير العملية التعليمية تكاملاً بين زرع القيم وإيصال المعلومة مع طريقة استخدامها، ولن يتحقق هذا إلا بتعزيز "التفكير النقدي" عند الطالب وفتح المجال أمامه للبحث والنقاش والتساؤل، دون قمعه أو تأطير فكره، فنحن نصنع إنساناً ومواطناً أولاً.. ومن ثم وطناً كاملاً، أي الإنسان ثم البنيان.
وأكد على ضرورة الاهتمام بالمعلمين أنفسهم فهم عماد هذه العملية وركيزتها. كما يجب ترك مسألة وضع المناهج لأصحاب الاختصاص والمعرفة، ولا يجب نسيان أهمية البناء المدرسي الملائم وتجهيزه بأدوات البحث مهما كلّفت، إذ لا شك أن الانفاق على التعليم استثمار ناجح في الدول دائما.