الجمعة 22 نوفمبر 2024 10:33 صـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    المقالات

    مجدي درويش يكتب عن التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء الأول ”

    مصر وناسها

    إن الأمة الإسلامية بأسرها إلا من رحم الله تعالى تحتاج إلى عزمات الرجال الذين لا يمثلون من المظاهر الذكورة في أبهى حللها، ولكننا جد محتاجين إلى رجال أشربوا معنى الرجولة الحقة في قلوبهم وقد تمنطقوا بالخبرة والدربة اللازمة في مجالاتهم ثم يحملون رسائل الإصلاح والتغيير الحتمي في كل قطر وهيئة ومؤسسة لأمتنا أينما كانت في الداخل أو الخارج، فقد سئمنا تنطع الجاهلين وسمادة الثقلاء في مناصبهم كثقل الرصاص البارد، وإن التخطيط هو أسلوب عمل جماعي، يأخذ بالأسباب لمواجهة توقعات مستقبلية، أو يعتمد على منهج فكري عقدي يؤمن بالقدر ويتوكل على الله، ويسعى لتحقيق هدف شرعي، هو عبادة الله وتعمير الكون.

    وإن التخطيط الإسلامي هو التفكير والتدبر بشكل فردي وجماعي في أداء عمل مستقبلي مشروع، مع ربط ذلك بمشيئة الله تعالى ثم بذل الأسباب المشروعة في تحقيقه، مع كامل التوكل والإيمان بالغيب فيما قضى الله وقدره على النتائج، وإن العالم الإسلامي في مختلف مراحله وعصوره قد شهد أنواعا كثيرة من التخطيط، اشتمل على جميع عناصر التخطيط الحديثة من حيث الإعداد والتنفيذ، شاملا جميع نشاطات الدولة الإسلامية، وهو تخطيط لا يختلف كثيرا عن التخطيط المعاصر إلا في نواحي قليلة، مثل حجم الخطة، والوسائل والأدوات، وما يميز التخطيط الإسلامي للسياسات العامة والمبادئ التي تستند إليها الدولة الإسلامية، هو أن الله سبحانه وتعالى مبدعه وواضعه.

    ورسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه هم من يقوم بتنفيذه، فلم تكن الهجرة النبوية الشريفة قرارا عشوائيا، أو لحظيا، بل هو مخطط، له بداية من بيعة العقبة الأولى والثانية، وهجرة الصحابة الكرام للمدينة هجرة إيمان بعدما هاجر بعضهم للحبشة هجرة أمان، ولذا وجب وضع بدائل للخطط للانتقال من دائرة، إلى دائرة أخرى، وصولا للأهداف المرجوة، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم بهجرته للمدينة أسس النموذج الكامل في كيفية بناء الأمم وصناعة الحضارة، فقد قام أو ما قام بنزع موروث الحقد والكراهية من الذاكرة الجمعية للمجتمع عندما أزال ما بين الأوس والخزرج من أحقاد، ولقد أوضحت لنا الهجرة المباركة ضرورة التخطيط الجيد للأمور كلها.

    مع الاستعانة بالتوكل على الله عز وجل، فالنبى صلى الله عليه وسلم خطط للأمر جيدا حيث تم اختيار الصديق وتجهيز الراحلة والمرشد الماهر الأمين، إضافة إلى توزيع الأدوار الجيد فى عملية الهجرة كلها، واستكمل ذلك كله بحسن التوكل على الله عز وجل، فقالت السيدة عائشة رضى الله عنها فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لهما سفرة فى جراب، فقطعت أسماء بنت أبى بكر قطعة من نطاقها، فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين، قالت ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار فى جبل ثور، فكمنا فيه ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد الله بن أبى بكر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرا، يكتادان به إلا وعاه.

    اقرأ أيضاً

    حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة، مولى أبى بكر منحة من غنم، يفعل ذلك فى كل ليلة من تلك الليالى الثلاث، واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بنى الديل، وهو من بنى عبد بن عدى، هاديا خريتا، والخريت الماهر بالهداية، وهو على دين كفار قريش، فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، براحلتيهما صبح ثلاث" رواه البخاري، وإن حادث الهجرة النبوية الشريفة حدث فارق في الإسلام، بدليل أنه أرخ به لتقويمها، ومدرسة كبرى نتعلم في رحابها كيف تكون إدارة الأزمات وتأسيس المجتمعات، وصناعة القيم، وتأسيس قيم التعايش، والمواطنة واحترام سنن الاختلاف والتنوع.

    b4f58bbd17e83f025dc6ed57f00a66c1.jpeg
    التخطيط الهجرة النبوية الجزء الأول