شيخ الأزهر: يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم وإعطائهم من زكاة الفطر
حرر رؤى الطويل مصر وناسهاواصل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، حديثه اليومي في برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، بالاستدلال على جوازِ تهنئةِ المسلمِ لغيرِ المسلمِ في أعيادِ الميلادِ وفي الأفراحِ، مستشهدًا بقولِه -تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]، موضحًا أنَّ العلماء استخرجوا من وحي هذه الآية جوازَ صدقةِ المسلم شرعًا لغير المسلمِ من المسيحيين أو اليهودِ أو المجوسِ، وكذلك زكاة الفطر، والكفارات، والوصية والوقف، وأنَّ بعضُهم يَذكُر في سببِ نزولِ هذه الآية الكريمةِ أنَّ أسماءَ بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- زارتها أمُّها في المدينة، وكانت مشركةً، فسألَتْ أسماءُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- هل تستقبلُ أمَّها وتصلُها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "نعم! صِلي أمَّك"، فإذا كانت صلةُ المسلم للكافر مطلوبةً أيكون مجردُ السلامِ على أهلِ الكتابِ وتهنئتهم منهيًّا عنها؟.
برنامج الإمام الطيب
وأضاف فضيلته خلال حديثه اليومي ببرنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، أن القرآن الكريم وصف لنا أتباعَ عيسى -عليه السلام- بأنهم الأقرب مودة ورأفةِ ورحمةِ للمؤمنين في قولِه -تعالى-:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82]، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً}[الحديد: 27]، متسائلًا أصحاب المذهبِ المتشدِّد: هل ينتظرُ المسلمُ وهو يقرأ هذه الآياتِ الكريمةَ أن تُفاجِئَه آيةٌ أو حديثٌ صحيحٌ يُحرِّمُ عليه تهنئةَ جارِه أو صديقِه المسيحيِّ أو يَنهاهُ عن مُصافَحته؟، وكيف يُبيح القرآنُ للمسلم أن يَتَّخِذَ زوجةً له مسيحيَّةً أو يهوديَّة تَبقَى على دِينِها مع زوجِها المسلمِ، ويكونُ بينهما ما يكونُ بينَ الزوجِ وزوجتِه من المودةِ والرحمةِ والاحترامِ، والعيش الجميل المشترَكِ، وبينهما من الأطفال ما يَزيدُهما حُبًّا وتماسُكًا، وكيف يُبيحُ له القرآن الكريمُ والشريعة الإسلاميةُ كلَّ ذلك ثم يُقال له: احذَرْ من تهنئةِ زوجتِك في أعيادِ الميلادِ فإنَّه حرامٌ؟! أم أنَّ الزوجةَ المسيحيَّةَ -في مذهب هؤلاء- مُستَثناةٌ من هذا المنعِ؟ وكيف وعلَّةُ التحريمِ عندَ هؤلاء، وهي عدم الإسلام، واحدةٌ في الموردين؟!.
وأشار فضيلته إلى قول البعض من هؤلاء المتشددين: إنَّنا نحن لا نهنئ المسيحيين لأنَّ حديثًا نبويًّا صحيحًا ورد في النهي عن ذلك، وهو قولُه -صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَبْدَؤُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ"، موضحًا أن هذا الحديث بهذه الرِّواية عن سُهيل بن أبي صالح عن أبيه، رغم ثبوتها في صحيح مسلم؛ إلَّا أن سهام النقد سُلِّطَت عليها، فسُهيل الرَّاوي هذا مع عدالته وحفظه، فقد ذَكَر علماء الجرح والتعديل أنه أصابته علة فنسي حديثه، وتغير حفظه، حتى قال عنه ابن مَعِين: لم يزل أصحاب الحديث يَتَّقُون حديثَه، ولهذا أخرج مسلم حديثه في الشَّواهد في آخِر الباب، ونَبَّه على الاختلاف في لفظه؛ إذ تَفَرَّدَ به ولم يتابَع على روايته هذه، واضطرب فيها اضطرابا شديدا، فتارة يقول: «أهل كتاب» وتارة يقول: «المشركين» وتارة أخرى: يقول: «اليهود»؛ فهل من العلم أو المنطق في شيء أن - يحكمنا في حديث نقده علماء الحديث أنفسهم أن يتحكم في تصرفات بالغة القسوة والخطورة علي سمعه المسلمين، ولهذا فإن سبب ورود الحديث علم مهم في تفسير الحديث ومعرفة سياقه فحديث مسلم ورد في اليهود المحاربين الذين خانو عهد الأمان.
شيخ الأزهر
وأوضح شيخ الأزهر أن هذا المنهج العلمي لا يقتضي بالضرورة الطعن في صحة ما في البخاري ومسلم، مشيرا إلى أن ما ذكَرَه علماءُ الحديث روايةً ودرايةً في أمرِ العلاقةِ بين الحديثِ الصحيحِ وبينَ وجوبِ العمل به؛ تندرجُ تحتَ ظلالِه أحاديثُ كثيرةٌ بُعِثت من مَراقِدِها في العُقودِ الماضية لتُثير الفتنةَ بينَ المسلمين، أو لتُثير السخريةَ من السنَّةِ النبويَّة، أو لتَسخَرَ من مقام أئمَّةِ الحديثِ وكبار علمائه، كبَعْثِ حديثِ رضاع الكبير، وحديث حرمة السلام على اليهود والنصارى، وأحاديث أخرى لا يَتجاوَزُ عددُها عددَ أصابعِ اليدَيْن، موضحا أن التاريخُ لم يذكر أنَّ المسلمين طبَّقُوا حديثًا واحدًا من هذه الأحاديث أو شكَّلت حُكمًا شرعيًّا عمليًّا في مذهب من المذاهب الأربعة أو غيرها، مؤكدًا أنَّ بعث هذه الأمور ليس مقصودًا منه في المقام الأول بعث خلاف ديني حقيقي؛ وإنما المقصود به هو زرع الفتنة والتوتر المذهبي والطائفي، وضرب استقرار الشارع العربي والإسلامي، وتشويه صورة الإسلام في مرآة الغرب، لأغراضٍ استعماريةٍ جديدة لم تعد تخفى على لبيبٍ أو غبي.
الإمام الطيب
اقرأ أيضاً
- شيخ الأزهر يوجه بصرف 50 ألف جنيه لأسرة كل متوفي و30 ألف للمصاب بحادث قطار طوخ
- شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
- ”هيكل” يهنئ شيخ الأزهر الشريف بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك
- الرئيس التونسي وشيخ الأزهر يتفقان على تشكيل لجنة علمية لخدمة الثقافة الإسلامية
- رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
- شيخ الأزهر : يرد علي أمنه نصير ” زواج مسلمه من غير مسلم باطل”
- شيخ الأزهر : يناشد الشركات المنتجة للقاح..بأن لا يخذلوا الفقراء في الحصول علي حقهم
- شيخ الأزهر لـ وزير خارجية فرنسا : إذا كنتم تعتبرون أن الإساءة لنبينا محمد حرية تعبير.. فنحن نرفضها شكلًا ومضمونًا
- بالفيديو|شيخ الأزهر يدلي برأيه عن أصحاب ألقاب«باشا وبيه»بعد واقعة«طفل المرور»
- شيخ الأزهر يطالب بتجريم استخدام مصطلح «الإرهاب الإسلامي»
- شيخ الأزهر : الإساءة للنبي ليست حرية رأي، بل دعوة صريحة للكراهية والعنف
- شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة العام الهجري الجديد
يذكر أن برنامج «الإمام الطيب» يذاع للعام الخامس عبر قنوات مصرية وعربية، وقد أطلق البرنامج في رمضان 2016م، ويتناول البرنامج في عامه الحالي خصائص الدين الإسلامي، ووسطية الإسلام ومظاهرها، وقواعد التكليفات الشرعية، ويسر الشريعة، ومصادر التشريع، والرد على الشبهات حول السنة النبوية والتراث.