السبت 23 نوفمبر 2024 02:55 صـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    فتوي و دين

    مجدي درويش يكتب عن نبى الله نوح ” الجزء السابع”

    نبي الله نوح
    نبي الله نوح

    ونكمل الجزء السابع مع نبى الله نوح عليه السلام، وقد اختلف العلماء في مكان قبر نبى الله نوح الله عليه السلام على رأيين، وهما أن قبره موجود ما بين الركن، وزمزم في المسجد الحرام، والمقام، وهو قول ابن سابط، وقيل أن قبر نبى الله نوح الله عليه السلام موجود في قرية اسمها الكرك عند سفح جبل في لبنان يعرف بإسم جبل الدير، وهو قول سبط ابن الجوزى، وكان نبى الله نوح الله عليه السلام هو أول رسول يرسله الله إلى الناس في الأرض، وقد بدأ رسالته بدعوة قومه إلى التوحيد والإيمان بالله وحده، وقد خاطب نبى الله نوح الله عليه السلام قومه لأنهم أهله وعشيرته، وهم مظنة النصر والعون على الشدائد، فكان لا بد من استثارة مشاعرهم، وعواطفهم بتذكيرهم بحق القرابة عليهم، ثم بيّن نبى نوح الله عليه السلام لقومه حقيقة التوحيد بإثبات الألوهية لله عز وجل ونفيها عمن سواه، وأنه لا إله إلا الله، ولا مستحق للعبادة سواه، فهو الذي ينبغي أن تتعلق به القلوب وحده، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ثم ذكر نبى الله نوح الله عليه السلام قومه بعذاب الله تعالى.

    الذي أعده لمن يكفر بدعوة أنبيائه، ثم دعاهم إلى الإيمان باليوم الآخر، وساق لهم الأدلة التي تثبت هذا اليوم، بذكر أحوال الناس قبل البعث، وانتقالهم من طور إلى آخر، فهم يبعثون من قبورهم التي انتقلوا إليها في الدنيا، إلى الحساب، والوقوف على الصراط، فتكون الجنة مصيرهم إن هم آمنوا، أو النار إن هم جحدوا وقد رد قوم نبى الله نوح الله عليه السلام على دعوته باتهامه بالضلالة، وكان من نادى بهذا القول سادة القوم، وذوو الجاه، والسلطة، والمال، وهم الملأ الذين استكبروا عن قبول دعوة الحق، فرد نبى الله نوح الله عليه السلام على اتهامهم له بالضلالة بتذكيرهم أنه رسول من رب العالمين لا يريد لهم إلا الهداية إلى طريق الرشد والسداد، مرشدا إياهم إلى ما فيه سعادتهم، وراحتهم، إلا أنهم أبوا، وأوحى الله تعالى إلى نبيه نوح الله عليه السلام أنه لن يؤمن بدعوته سوى من آمن، ولن يؤمن غيرهم، وأمره سبحانه وتعالى أن يصنع السفينة، حتى إذا جاء أمر الله، فتحت السماء بماء منهمر، وفجرت الأرض عيونا، فالتقى الماء على أمر قَدره الله، ثم أمر نبيه نوح الله عليه السلام أن يركب مع من آمن معه في السفينة.

    ونجاهم بأمره، وأغرق الكافرين بالطوفان، وقد ذكر الله تعالى قصة نبى الله نوح الله عليه السلام في سور كثيرة من كتاب الله تعالى، فقد أخبرت سورة نوح بتمامها عن قصة نوح عليه السلام مع قومه، وكما جاء ذكر هذه القصة في كل من سورة الشعراء، والمؤمنين، وهود، والأنبياء، ويونس، والصافات، والعنكبوت، والأعراف، وسورة القمر، ويشار إلى أن نبى الله نوح الله عليه السلام قد تميز بصفات وخصائص عدة أهلته لأن يكون واحدا من أولي العزم من الرسل فقد لبث في قومه فترة طويلة يدعوهم إلى دين الله تعالى، متحملا في سبيل ذلك الأذى والمشقة، ومسخرا جهده كله للدعوة التي استخدم فيها شتى الأساليب حيث دعا قومه سرا وجهرا، وليلا ونهارا، ولم يؤثر في دعوته لهم ما لقيه من تسفيه، وأذى، فهكذا كان نبى الله نوح عليه السلام أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، وذلك بعدما تحولوا إلى عبادة الأصنام، وقد لبث نوح في قومه زمنا طويلا، يدعوهم إلى عبادة الله، ولكن هذه المرة لم تؤت ثمارها فيهم، فلم يؤمن برسالته إلا القليل منهم، فقال نبى الله نوح الله عليه السلام لقومه إني محذركم من عذاب.

    ومبين لكم طريق النجاة، فاعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئا، لأني أخاف عليكم إن عبدتم غيره أو أشركتم معه سواه، أن يعذبكم يوم القيامة عذابا شديدا، وقد استمر نبى الله نوح الله عليه السلام في دعوته محاولا إقناع قومه بأسلوب هين لين، ولكن لم تؤثر هذه الكلمات في نفوس القوم، بل ردوا عليه في عناد، وبعد أن ضاق نوح ذرعا بقومه لجأ إلى ربه، مستغيثا به مما يلاقي من قومه، ثم تابع نبى الله نوح الله عليه السلام مخاطبة قومه، لافتا أنظارهم إلى قدرة الله عز وجل فوقهم، وأنه سوف يميتهم ثم يبعثهم يوم القيامة للحساب، وبعد كل هذا يتبين لنبى الله نوح الله عليه السلام أن هؤلاء سوف لا ينفعهم دعوة الله عز وجل، وإن تركوا متمادين في ضلالهم، أضلوا غيرهم عن الحق، ونشروا آثامهم، وانتقل فسادهم إلى ذريتهم بالوراثة، عندها دعا عليهم بأن لا يترك على الأرض منهم أحد، فاستجاب الله عز وجل، لدعاء نبى الله نوح الله عليه السلام وأراد سبحانه قبل أن يهلك القوم أن يهيئ له وللمؤمنين أسباب النجاة، فأمره عز وجل أن يصنع السفينة، وشرع نبى الله نوح الله عليه السلام في صنع السفينة، وبدأ قومه يستهزؤون به.

    بأنه قد تحول من داع إلى الله إلى نجار، وبعدما انتهى نبى الله نوح الله عليه السلام من صنع السفينة، وظهرت علامات بدء العذاب، وهي تفجر الماء من الأرض، فأمر الله عز وجل نوحا أن يجمع من كل صنف من الأحياء والحيوانات زوجين، ليحملهما معه في السفينة، وأرسل الله عز وجل، بعد ذلك بقدرته على كل شيء من السماء مطرا غزيرا لم تعهد الأرض قبله، وأمر الأرض بأن تتفجر فيها المياه، فاجتمع ماء السماء وماء الأرض، ليحصل جراء ذلك الطوفان العظيم، الذي قدره الله لهلاك الكافرين، والسفينة الصغيرة تسير وسط هذه الأمواج المتلاطمة، بحفظ الله عز وجل، ورعايته، وبذلك انتهت نهاية هؤلاء الكافرين، الذين لم يستجيبوا لأمر نبيهم، بل فضلوا الخضوع للأصنام من الخضوع لرب العباد، وفي وسط تلك الأمواج المتلاطمة تحركت عاطفة الأبوة عند نبى الله نوح عليه السلام، وتذكر ولده لأنه كان من الكافرين يدعوه أبيه، فناداه الأب ليركب معه في السفينة، لينجوا من الغرق، ولكن ظلمة الكفر طمست على بصيرته، وأصر على عصيانه، وظن أنه سيلجأ إلى جبل مرتفع، ولن يصل الماء إليه.

    ولقد ثارت الشفقة في قلب نبى الله نوح الله عليه السلام على ولده، فسأل الله عز وجل، بعد ما تحقق من هلاكه أن ينجيه الله، فأجاب الله عز وجل بأن ولده كافرا، وإن عقيدة البراء من الكفار هو من أساسيات التوحيد، والذي يجب عليه أن لا يتغلب شفقة الأبوة على حكم الله عز وجل، وبذلك هلك الكفار من تأثير الطوفان، بعدها أمر الله عز وجل، الأرض أن تبلع ماءها، وأمر السماء أن تقلع من المطر، واستوت سفينة نبى الله نوح الله عليه السلام ومن معه عند جبل يسمى الجودى، ورست السفينة عند ذلك الجبل، وأمر الله نبى الله نوح الله عليه السلام أن ينزل من السفينة إلى الأرض، فهبط بأرض الموصل محفوفا ببركات من الله، ومن آمن معه، وإن أول ما نحب أن نقف عنده هو ذلك الشرك الذي من أجله، بعث الله تعالى رسوله نوح عليه السلام إلى قومه، ولقد كانت عبادة الأصنام والشرك منتشرا عند قوم نوح، ولخطورة هذه القضية، ولسوء عاقبة المشرك، بعث الله تعالى فيهم نبى الله نوح الله عليه السلام لكي يحذرهم من الخزي الذي سوف يحل بهم في الدنيا والآخرة، إذا لم يرجعوا إلى ربهم، وإن عاقبة الشرك وخيمة.

    والله سبحانه وتعالى يغار على دينه، وقد يغفر الله كل ذنب من الإنسان إلا الشرك فهو تعالى القائل فى كتابه الكريم سورة النساء " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " فإن بعض الناس في زماننا يتصوروا هذا أن الشرك قد زال، ويتصورون أن الأصنام قد زالت وذهبت، وما عاد الناس يعبدونها منذ فتح مكة، وتكسير الرسول صلى الله عليه وسلم الأصنام التي كانت على الكعبة وفي جوفها، فنقول لهم إن عبادة الأصنام قد عادت من جديد، وصار الناس في هذا الزمان، يعبدون أصناما عصرية حديثة، قدمها لنا الكهنة الجدد، بأساليب وأشكال جديدة، أشد خطرا، وأعظم تأثيرا من الأصنام التي كان يعبدها قوم نوح عليه السلام، وإن أصنام قوم نوح كانت أصناما حسية مصنوعة من الحجر أو الشجر، أما أصنامنا نحن، فأصنام معنوية ألعن بكثير من الأصنام الحسية، وإن كل شيء خضعت له فقد اتخذته صنما لك، وإن الخضوع لتلك الأصنام نوع من أنواع الشرك بالله، فالحذر الحذر من الوقوع فيها لأن عاقبة الشرك ما حل بقوم نوح عليه السلام، وخيمة، لا بد من التنبيه عليها وهي درس عظيم يؤخذ من قصة نبى الله نوح الله عليه السلام أيضا وهو الأسلوب الذي تدرج فيه الشيطان اللعين مع قوم نوح عليه السلام.