الجمعة 22 نوفمبر 2024 07:57 صـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    فن وثقافة

    تفاصيل ليلة مقتل وداد حمدي.. وما دخل الفنانة يسرا بمقتلها

    مصر وناسها

    وداد حمدي، هي أشهر من قام بدور الخادمة في السينما المصرية، واحدة من أصحاب الظل الخفيف، كانت جميلة، عاشت حياتها للسينما وماتت دون أن تعرف السبب.

    ولدت وداد حمدي في دسوق بكفر الشيخ في 3 يوليو 1924، وكانت تتمتع بحلاوة الصوت، وقررت احتراف الغناء، لكن واجهت ما واجهه إسماعيل ياسين، أنها لا يمكن أن تغني الأغاني العاطفية وعليها احتراف المونولوج.

    فحاولت دراسة التمثيل، لكن بعد عامين فقط تركت الدراسة واتجهت للعمل مباشرة، لتشارك في قرابة 600 عمل بين السينما والمسرح والتلفزيون.

    تزوجت الفنانة وداد حمدي أكثر من مرة منهم محمد الطوخي والملحن محمد الموجي، ونفي عمرو صلاح قابيل قصة زواجها من والده الفنان الراحل صلاح قابيل.

    في الستينات اعتزلت وداد حمدي العمل الفني بسبب ما اسمته بحالة الزهق، لأنها قدمت كل شيء، لكن الفنانة وردة تعاقدت على مسرحية “تمر حنة”، وذهبت لها وطلبت منها أن تشاركها بطولة المسرحية، وقالت لها: “والنبي يا طنط وداد تقفي جنبي أنا خايفة وركبي بتخبط في بعض، وبرتاح وأنا معاكي شاركيني المسرحية دي”، فتراجعت عن قرار الاعتزال.

    عملت وداد بشكل مكثف بعد عودتها الفنية، كانت وداد ممثلة ممتازة بالنسبة لأي مخرج، تجيد حفظ الدور من المرة الأولى، ملامحها مصرية بامتياز، لذلك كانت عامل مشترك في غالبية الأعمال التي قُدمت في هذه الفترة.

    مقتل وداد حمدي

    في 26 مارس سنة 1994، كانت نهاية الفنانة وداد حمدي مآسوية للغاية، نهاية لا تليق بالبهجة التي كانت تشعها، مساعد ريجسير اسمه متى غالي باسيليوس، اتصل بها قبلها بيوم وقال لها: “أنا جاي أجيب لحضرتك أوردر فيلم”.

    (الريجسير، هو شخص مهمته توصيل الاوردرات للفنانين قبل اختراع الهواتف المحمولة).

    وصل متى لعمارة فينوس رقم 38 في شارع رمسيس بالقاهرة، صعد الأسانسير، ودون الرقم 7، حيث تسكن وداد، رن جرس الباب، فتحت له، رحبت به كعادتها: “اتفضل .. أعملك ليمون.. طبعا مفيش خدامة ولا شغالة.. أنا بخدم نفسي”.

    شرب الليمون، وقال لها: “استأذنك بس أدخل الحمام يا مدام، فقالت له: “طبعا .. بس استني أحضرهولك”، وتحضير الحمام يعني إزالة ما علق به وقد يجرح الضيوف مثل الملابس أو ما شابه.

    كانت وداد حمدي تخطت السبعين، لكنها سيدة مضيافة ومرحبة ومحبة للناس، وكانت تهتم بنظافة منزلها حتى لو كان الضيف مساعد ريجسير، قد لا يهمها في شيء أن يأخذ عنها فكرة سيئة.

    ذهبت لتنظيف الحمام، فذهب خلفها، وأخرج سكينته، نظرت للخلف، فوجدته يرفع السكينة، لم تصدق نفسها، وقالت له: “هنهزر بلاش لعب عيال”.. لم يتراجع، ففهمت أنه يريد قتلها، فليس من المنطقي أن يقوم شخص بتهديدها لاغتصابها وهي في هذا السن.

    بيده كتم أنفاسها، حتى لا تصرخ، قالت له: “خد كل الفلوس اللي معايا بس متموتنيش”، دخل في حالة هياج، فطعنها بالسكينة، طعنة خلف الآخرى، حتى وصل عدد الطعنات لـ 35 طعنة، وبعدما تأكد أن روحها فاضت لبارئها، حملها ووضعها على السرير، ووضع عليها الكثير من الملابس.

    ظل متى يبحث عن أي شيء ليسرقه، ولم يجد سوى جهاز كاسيت صغير كان يعمل على إذاعة القران بشكل مستمر، ومبلغ 370 جنيه،
    وبحث كثيرا عن الذهب لكنه لم يجده، فمسح كل بصماته وهرب.

    في الصباح الباكر، حضرت أختها السيدة ليلى عيسوي، وهي على باب العمارة، استوقفها البواب، وقال لها: “أنا بشتكيلك من الست وداد يا ست هانم.. سايبة نور الشقة والع من امبارح… دا حتى الباب الحديد بتاع الشقة مقفلتوش”.

    ظلت ليلى تطرق باب الشقة مرات لكن لم ترد وداد الغارقة في دمها، تذكرت المفتاح القديم الذي تضعه في حقيبتها والتي أصرت وداد ان تعطيه لها تحسبا لأي ظرف، فتحت الباب، ووجدت القتيلة بين أكوام ملابس، ودم متجلط.

    اتصلوا بالبوليس، وبدأت التحقيقات، وجدت النيابة أكواب العصير، فعرفت أن هناك شخص ما كان بالمكان، ثم وجدت شعرة شدتها وداد من القاتل وهي تقاومه، ونوتة تليفون بها 300 رقم، وبصمة واحدة غريبة في الشقة، ودارت الشبهات حول شخصين قريب وداد (مسجل خطر وقبض عليه أكثر من مرة)، لكن التحريات قالت إنه لم يتردد عليها أصلا، والشخص الآخر هو متى باسيليوس.

    وبالفعل بمطابقة بصماته، تطابقت مع البصمة التي وجدوها في الشقة، كذلك أكد الطب الشرعي أن الشعرة الموجودة بالشقة خاصة به.

    قال متى في التحقيقات أنه كان يعمل مساعد ريجيسير، لكنه افتتح محل أسماك، واستدان لكي يؤسس مشروعه، لكن المشروع لم يُكتب له النجاح، فقرر الاستدانة، وكثرة الديوان، وكثر المطالبين وقل العمل، فقرر أن يستدين من الفنانين.

    لكن للقدر رأي آخر

    قرر استدانة المبلغ من الفنانة يسرا، ذهب إلى شقتها في الزمالك وحاول أن يقابلها لكن البواب منعه، فأعطى للبواب خطاب كتب فيه ليسرا أنه يطلب منها مبلغ مالي لكي يسدد ديونه، رفض البواب استلام الخطاب، لكنه متى أخرج صورة من جيبه لأطفاله أعطاها للبواب، فحن قلبه، وقبل أن يأخذ الخطاب ليعطيه ليسرا.

    أخذت خادمة يسرا الخطاب وبعدها خرجت وقالت لهم:

    “الهانم نايمة ومقدرش اصحيها دي ترفدني”، ساعتها ربت البواب على كتفه، وقال له: “تعالي وقت تاني”.

    أخذ سكينته وذهب لمنزل سهير رمزي، لكنها لم تكن موجودة في المنزل، وأصر على الدخول، فخرج طباخ سهير رمزي يتشاجر معه، ورفع متى عليه السكين، وتجمع السكان، وخرج قاصدا أحمد زكي.

    فكر متى في قتل أحمد زكي خاصة أن زكي كان يعيش في فندق هيلتون، لكنه خاف أن يقوم الأمن بتفتيشه ويُفضح أمره، فكر في قتل شيريهان لكن عمارتها كانت أكثر عمارات الفنانين تأمينا، وقال في التحقيقات: “كانت عمارة مرشقة أمن”.

    فقرر قتل وداد حمدي لأنها كبيرة في السن ولا تستطيع مقاومته كما أنها تعيش بمفردها، لكنه قرر قبلها أن يذهب لمنزل هشام سليم خاصة أن هشام سليم كان دائم العطف عليه، لكن لم يكن هشام في منزله، فقرر التوجه لمنزل وداد حمدي.

    اتصل بها من قهوة بعرة.. وقال لها: “يا ست الكل في قناة فضائية بتنتج مسلسل وعايزينك فيه وهجيلك انا والمؤلف والمخرج”، فرحبت به، لكنه لم يذهب للميعاد وقرر توفير المبلغ بأي شكل، لكنه فشل، وقرر التواصل مع وداد حمدي مرة آخرى، وحدث ما حدث.

    ذهب لمحل السمك، وأخفى السكينة، وباع الكاسيت في سوق ليبيا في العتبة بـ 50 جنيه.

    وقال متى في اعترافاته للنيابة: “مراتي كانت ست زنانة، وكانت بتعايرني بفشلي قدام عيالى.. والديون كترت عليا وكمان ادمنت، والحياة بقت قدامي لا تطاق.

    وبعد 4 سنوات من الوفاة . وتحديدا في سنة 1998 كان متى باسيليوس معلقا على حبال المشنقة، اعتقد وقتها أنه عندما سئل قبل وفاته عما كان يتمناه، قال: “كان نفسي حد يسلفني يومها”.