ماذا عن الاتفاق بين الامارات والبحرين وإسرائيل؟
حرر نيفين محمد صلاح مصر وناسهاأى نظرة شاملة يجب أن تأخذ فى الاعتبار الإطار الأوسع الذى جاءت خلاله؛ أى الأوضاع العالمية المتقلبة، خاصة فى الولايات المتحدة، التى تشهد تصدعات عميقة تكاد تقسم البلاد إلى فئات متصارعة، نظرا لعمق اختلاف تصوراتها عن العالم وعن طبيعة بلادها ومستقبلها: بالتحديد هل «أمريكا» بالأساس عاكسة لتراث الرجل الأبيض الذى أسسها، أم أن مؤسسى هذا البلد بنوا فقط الإطار الفكرى المجرد لنظام ليبرالى ديمقراطى تعددى يزدهر فى ظل التعدد الثقافى والعقائدى والعرقى؟ هذه الأسئلة لها تداعيات مهمة فيما يخص منطقتنا.
قال وزير الخارجية الإماراتى خلال حفل التوقيع إن الاتفاق سيكون فى صالح الفلسطينيين، لكن إذا نظرنا لمصلحتهم من خلال حل الدولتين فلن يكون الحال كذلك.. ولقد بنى جيل كامل من القيادات الفلسطينية مساره السياسى على هذه الأطروحة، وبالنسبة لهم سيكون إنهاؤها كارثة فعلا، لكنهم يدفعون أثمان أخطائهم، بما فى ذلك سوء الحكم الفاسد الذى أدى لصعود «حماس» بعد الانسحاب الإسرائيلى من غزة.. لكن نهاية حل الدولتين ليست بالضرورة كارثة بالنسبة للفلسطينيين ككل، الذين كانوا سيحصلون فى أحسن الأحوال على أقل من ربع فلسطين تحت الانتداب البريطانى.
ما البديل؟ ربما البعض يتذكر أن إقامة الدولة الديمقراطية العلمانية فى فلسطين كان شعار منظمة التحرير قبل قبول حل الدولتين، والذى ظل شعارا نظرا لغياب نموذج واحد لدولة عربية علمانية وديمقراطية، فلم يكن من السهل تخيل أنها ستشيد فى فلسطين تحت ظروف الصراع مع اليهود، ومع تصاعد التطرف الدينى على الجانبين.. لكن هذا الحل ربما سيفرض نفسه، ربما فى صورة «مقاطعات كونفيدرالية»، على المدى الطويل، لأن البديل ربما سيكون الفصل العنصرى الصريح، مع ازدياد التشابك السكانى بين الفلسطينيين واليهود.. وإذا كان السودان قد تعلم، بعد عقود طويلة من الحروب والمذابح، أن الحل هو التعايش فى ظل الدولة الديمقراطية متعددة الثقافات والمعتقدات، فلم لا؟
هذا الحل ليس سهل المنال بالطبع، فإسرائيل بنيت كوطن قومى لليهود ولن تتخلى بسهولة عن الفكرة حتى ولو فى إطار «كونفيدرالى»، والصراع الدائم لم يؤد فقط لصعوبة «التطبيع» بين العرب وإسرائيل، إنما إلى إجهاض «تطبيع إسرائيل» كدولة، وزيادة تقوقعها القومى.. لكن الحال قد يتغير مع ازدياد قبول العالم لفكرة التعدد الثقافى؛ لأن النخب الإسرائيلية مرتبطة بالعالم الخارجى بشكل وثيق.. والذى يأخذ فى الاعتبار بشكل متزايد وجود شعب ومجتمع قامت إسرائيل على أنقاضه، فلم يعد ينظر لتاريخ الصراع فقط من خلال خصوصية التجربة اليهودية.
اقرأ أيضاً
- صحيفة عرب نيوز السعودية تغير غلافها الإلكتروني وصورة البروفايل بعبارة ”شانا توفا” بمناسبة السنة العبرية الجديدة
- رئيس الوزراء يتفقد الموقف التنفيذي للحى الحكومي بالعاصمة الادارية.. بالصور
- الحكم بالسجن المشدد 15 سنة سجن لنجلي المنتج أحمد السبكي..بتهمة حيازة مخدرات
- إجراء فحوصات طبية لجميع الطلاب والعاملين بالمدرسة البريطانية بعد اكتشاف إصابتين بفيروس كورونا
- اليوتيوبر أحمد حسن يعتذر للجمهور ويعتزل اليوتيوب
- خالد العناني من برلين: لا توجد إصابات لـ”كورونا” داخل المحافظات السياحية
- أول ظهور للفنانة داليا ابراهيم بعد 3 شهور من أعلان اعتزالها
- بالفيديو تفاجأ الجميع بسكرات الموت
- بالفيديو رجل يشعل النار في نفسه والسبب قرار ازاله
- تأجيل دخول أحد فصول المدارس البريطانية بالشيخ زايد بعد إصابة طالبين بفيروس كورونا
- ماذا تعرف عن احتفالات اليهود برأس السنه العبريه
- إطلاق سراح فتاه التيك توك منه عبد العزيز من سراي النيابه
من المفارقات أن «التيار التعددى» الدافع لتلك النظرة يزدهر فى ظل الصراع الثقافى الدائر، كرد فعل لنزعات ترامب العنصرية. ورغم التأييد الإماراتى له، فان الإمارات نفسها صارت نموذجًا للتعايش السلمى بين الثقافات والديانات الذى ينبذه «ترامب». ونوع السلام الذى تنوى إقامته مع إسرائيل يعكس انفتاحا على العالم ناتجا عن واقع اقتصادى يربط الإمارات بالعالم، حتى صارت مركزا لشركات التكنولوجيا العالمية فى المنطقة، ومكانا جاذبا للخبرات التقنية والعلمية والجامعات العالمية المرموقة، وأطلقت مسبارا نحو المريخ.. وبدأت كذلك حقبة السلام بإبرام اتفاقات مع جامعات علمية إسرائيلية كبرى، وجذب الشركات والخبرات فى مجالات البرمجيات والذكاء الاصطناعى.
الفئات العالمية العاملة فى تلك المجالات تعيش فى عالم معولم، تسوده نظرة أفقية متسعة؛ تتواصل فيه عبر الحدود الجغرافية والسياسية والثقافية والعقائدية، فيصبح التعدد واقعًا يوميًّا مسلمًا به.. تشكل هذه القطاعات النخب الرائدة التى تنشر رؤية وتصورا لا يقبلان بالتطرف العقائدى أو القومى أو الفصل العنصرى. واحتكاك أعضائها فى الإسرائيليين مع محيطهم العربى قد يأتى معه فى النهاية «تطبيع إسرائيل».