15 مليار جنيه سنوياً انفاق المصريين على قراءة الطالع وفك السحر.. «الإفتاء» توضح حكم الذهاب اليهم
حرر عمر محمد مجدي مصر وناسهاأكد علماء ومشايخ الدين أن ما تبثه هذه القنوات من علم السحر والشعوذة والكهانة من أعظم المنكرات ومن أعظم الفساد، وإضلال للناس.
الفرجة حرام
موضحين انه ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أتى كاهنأً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً، كما جاء في السنن ” من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد، وسواء ذهب السائل إليهم ببدنه أو أتصل عليهم بواسطة الهاتف الحكم واحد، محذرين من مشاهدة هذه البرامج حيث أن مشاهدتها ولو لمجرد الفرجة حرام وأما الاتصال على أصحاب هذه البرامج لسؤالهم ففيه الوعيد المتقدم.
وهناك رأي آخر مشهور للشيخ د.عبدالرحمن السديس إمام المسجد الحرام وعضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى يقول فيه إن العقول البشرية قد تعرضت لعمليات وأد واغتيال خطيرة عبر حقب طويلة، عبر خناجر الوهم والخرافة، وألغام الدجل والشعوذة، وهي أعتى طعنة تسدد في خاصرة الإنسان العقلية، وقواه الفكرية والمعنوية، مبينا أن تصديق أدعياء علم الغيب، وإتيان السحرة والعرافين، والكهنة والرمالين، والمنجمين والمشعوذين؛ الذين يزعمون الإخبار عن المغيبات، ضلال عظيم، وإثم مبين.
بدورهم شدد المختصين على أن ترسيخ هذه البرامج والقنوات الفضائية لهذه الخزعبلات، يضر بعقل المواطنين ويصب في مصالح أعدائنا الذين يهتمون بتفاهة عقل المواطنين، وهشاشة فكرهم، وإبعادهم عن العلم، مؤكدين أن تلك البرامج حينما لا تجد مشجعين لها سوف تزول.
اقرأ أيضاً
تؤكد الأبحاث والدراسات أنه كلما زادت هموم الإنسان وكثرت متاعبه النفسية والمادية، فإنه يسقط فريسة للتفكير الغير منطقي للخروج من ازماته، والتي على رأسها اللجوء إلى الدجل والسحر والشعوذة، خاصة اذا تهيأت البيئة للغرق في هذا المستنقع.
ومع ازدياد الدجالين والمشعوذين الذين تبوأوا العديد من المقاعد على شاشات الفضائيات والقنوات وأصبحت لهم برامج واعلانات يبيعون من خلالها الوهم للناس، سقط الكثير من المصريين في براثن هؤلاء وانتشر الجهل والدجل بصورة مخيفة.
وقد انتشرت هذه القنوات انتشار النار في الهشيم، مما يدل على قابلية الكثير من العقول التي تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية ونفسية معينة لتلقي وهضم كل أنواع الجهل والدجل، بل وزاد إيمانهم بالخرافات.
وتقوم فكرة تلك البرامج على سحب المشاهد للسحرة ومفسري الأحلام عن طريق الشاشات بدلا من جلبهم إلى السراديب المظلمة، والاتصال بهم ليحكي كل شخص عن مشكلته لتلقي العلاج المزعوم، وذلك في الوقت الذي تخلت فيه العديد من وسائل الإعلام عن دورها الحقيقى فى التثقيف والتنوير ولجأت لبث برامج “الدجل والشعوذة ” للتغلب على الأزمات المالية التي تعانى بعد تراجع ايراداتها، وذلك في ظل غياب مواثيق الشرف الإعلامي.
وبسبب المال الوفير تحولت العديد من القنوات الغنائية إلى قنوات راعية للدجل والسحر حيث المكسب والدخل المميز، ووصل عدد تلك القنوات الى ما يفوق ال 150 قناة فضائية.
المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية
ووفقا لدراسة قام بها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أنه وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد فقد وصل انفاق المصريين بلغ حوالى 15 مليار جنيه سنوياً على قراءة الطالع وفك السحر والعلاج من الجان.
وأكدت الدراسة أن هناك 274 خرافة تسيطر على سلوك أهل المدن والريف، كما أكدت على وجود 350 ألف شخص يزعمون قدرتهم على علاج الأمراض عن طريق تحضير الأرواح، و300 ألف آخرين يزعمون علاج الأمراض والمس من الجاني بالقرآن والإنجيل، كما كشفت الدراسة عن وجود حوالى مليون مصرى على الأقل يعتقدون أنهم ممسوسون بالجن.
وأوضحت الدراسة أن هناك دجال واحد تقريباً لكل 240 مواطنا مصريا، يتم الاستعانة بهؤلاء الدجالين لكشف الغيب، كما خلصت إلى أن ٥٠٪ من النساء المصريات يعتقدن بقدرة الدجالين على حل مشاكلهن وأنهن الأكثر إقبالاً من الرجال وأن ٦٣٪ من المصريين يؤمنون بالخرافات والخزعبلات ويمثل الفنانون والسياسيون والمثقفون والرياضيون منهم نسبة تصل إلى ١١٪.
بدورهم ارجع الخبراء ارتفاع حجم ما ينفقه المصريون على الدجل والشعوذة إلى عدة عوامل على رأسها ظهور العديد من الدجالين فى البرامج التليفزيونية والقنوات الفضائية وبثّ الوهم فى صدور المواطنين بالقدرة الفائقة على طرد الأرواح الشريرة والجانّ من الجسد وتيسير حالات الزواج وعودة المطلقة، وجلب الحبيب.
وبين الخبراء أنه من المستحيل أن تنهض بلدان تسيطر عليها الخرافة، حيث أن المسألة ظاهرة استشرت وجعل الناس أسرى لحلول سوف تأتي من عالم آخر ومن ثم فلا معنى للسعي أو الاجتهاد أو العمل على تحسين الأوضاع، وهكذا تتبدد الطاقات والأموال والعقول، ولا فائز سوى المشعوذين ورجال الأعمال أصحاب القنوات الذين لا هم لهم سوى جمع الأموال على حساب معاناة البشر.
وأكد مركز الدراسات الاقتصادية المصري أن الإنفاق على أعمال السحر والشعوذة فى مصر يمثل المرتبة الخامسة فى حياة المواطن، لافتا إلى أن الإنفاق على تعليم الأبناء يمثل 45% من إجمالى دخل الأسرة، و 12% على المحمول و 15% على الغذاء و 10% من إجمالى الدخل الأسري وباقى النسبة يتم إنفاقها على السحر والشعوذة والدجل.
وأضاف المركز أن الإنفاق على السحر والشعوذه والدجل يزداد نسبته كلما كان مستوى الدخل أقل وكلما ابتعدت الأماكن من الحضر أي أن هذه النسب تزيد فى الريف والصعيد حيث ينتشر الجهل والفقر وهما العنصران الأساسيان لتغذية هذا النوع من الإنفاق.
الطب النفسي
استشاري الطب النفسي الدكتور محمد المهدي قال ان الشعوذة تنتشر حين يشعر الناس بالعجز وقلة الحيلة, وحين تسد أمامهم طرق التغيير للأفضل من خلال الفكر والعمل والجهد, وحين تصبح الحياة بلا قانون ثابت أو واضح, وحين تغيب الشفافية, وينعدم الأمل في تحقيق الأهداف بالطرق المعهودة , وحين يصبح المستقبل غامضا أو موحشا ولا تبدو بارقة أمل واقعية في انصلاح الأحوال, هنا يتعلقون بقوى خفية أو قدرات سحرية تتجاوز حدود الواقع ولا تعتمد على قدراتهم المكبلة أو المشلولة أو الممنوعة من الحركة والفعل .
وأكد أن القهر الإجتماعي والإستبداد السياسي عاملان أساسيان في انتشار الخرافة والدجل والشعوذة , إذ يبحث الإنسان المقهور الواقع تحت هذه الضغوط عن توازنه النفسي فيلجأ إلى عمليات تعويض غير ناضجة.
مستحضرات التخسيس والجمال
الامر لا يقتصر على السحل والدجل فحسب وإنما ايضا يزداد الى الحلول السريعة للجمال والتخسيس التي يتم المتاجرة بها على الفضائيات بلا رقيب او حسيب، واغلبها مواد تضر ولا تنفع، حيث اثبتت التحاليل المعملية التي استمرت لمدة ستة اشهر لمعظم المواد التي تحتوي عليها تلك الادوية والمستحضرات على كورتيزون ومواد كيماوية تصنف على انها سامة وخطر على صحة الانسان.
ومن تلك المواد كريمات وأدوية التخسيس، وأعشاب منع تساقط الشعر والأعشاب مجهولة المصدر، والتي تدمر صحة الانسان.
أزمة الدجل والشعوذة في مصر هي مشكلة اجتماعية ثقافية فهناك حالة من الفراغ التعليمي تسببت في كل هذه الحالة من الإيمان بالدجل والشعوذة فكلما زاد التعليم كلما ابتعدنا عن هذه الخزعبلات .
إن الشعب الذي يؤمن بقرص ركبة العروسة في دخلتها لكي تصيبها نفس فرحتها، وأن من تلحس بطن الضفدعة تستطيع الزعردة، وأن المقص المفتوح يجلب النكد، يحتاج إلى الكثير للعودة إلى وعيه الذي تاه بين طيات الجهل والتغييب.
إدارة الأقمار الصناعية تحذر
من جانبها وجهت المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية “عربسات” تحذير إلى القنوات العربية التي تبث عبر أقمارها، من امكانية ايقاف بثها بسبب ما تقدمه من برامج “سحر وشعوذة”.
وكان الملتقى العالمي للعلماء والمفكرين المسلمين في رابطة العالم الاسلامي قد طالب منظمة المؤتمر الاسلامي وجامعة الدول العربية بمنع بث برامج قنوات ” السحر والشعوذة” عن طريق الأقمار الصناعية العربية “نايل سات” و”عربسات”، بسبب الاستعانة ببعض المشعوذين والمشعوذات اللذين يدعون انهم يعرفون الغيب.
وحذر الملتقى كل من مشاهدين تلك القنوات، واقترح ضرورة تحصين المجتمعات الإسلامية وحمايتها من خطر هذه القنوات المتخصصة بالشعوذة وغيرها من القنوات التي تعرض مثل هذه البرامج، من خلال وسائل الإعلام المتنوعة التي تحمل رسالة توجيه ونصح.
كما أشار الملتقى إلى ضرورة قيام المعلمين والمعلمات بتوجيه الطلبة والطالبات وتوعيتهم بخطر برامج “الشعوذة والسحر” وعقد الندوات واللقاءات التثقيفية، بالاضافة إلى مهمة أئمة المساجد بتوعية المصلين من خطر هذه القنوات.