أسرار عن حياة ”الشحرورة” صباح وأبنتها
حرر نسمه عادل مصر وناسهاعشقت لبنان من أفلامها وصوتها وتحديداً من فيلم «نار الشوق» الذى جسدت بطولته فى أوائل سبعينيات القرن الماضى مع رشدى أباظة وحسين فهمى، ذلك الفيلم الذى كسر حاجز الإيرادات فى تاريخ السينما المصرية وكان أنجح الأفلام الغنائية على الإطلاق، اجتمعت فيه القصة والأغانى المكتوبة بإبداع والألحان الخالدة، والتصوير ما بين لبنان الساحرة والقاهرة. أجمل أغانى صباح فى ذلك الفيلم «أمورتى الحلوة» و«حب الدنيا وسيب الدنيا تحب» و«يانا يانا» و«عاالندا عاالندا» و«كل حب وانت طيب يا راجل يا طيب»، و«الزمن دوار»، وأجمل أغانى وديع الصافى أيضاً «على رمش عيونها» و«دار يا دار»، واعتبر أن نبأ موت صباح كان بمثابة صدمة لى، رغم علمى بحالتها الصحية المتأخرة وهى ثالث شخص أحزن عليه بعد بليغ حمدى ووردة الجزائرية، فشرائط صباح وتحديداً الأغانى اللبنانية كنت أشتريها من بيروت من شدة إعجابى بها.. صباح أسطورة العشق، للحياة، وللرجال، وللحب.. عاشت النجاح والفشل والشهرة والانزواء عن الأضواء والمرض والحاجة والسلطان والنفوذ، حملت ألقاباً كثيرة مثل الصبوحة والشحرورة والأسطورة.
هويدا وكلبها
كانت هويدا تعامل والدتها بقسوة، خاصة عندما احتاجت لها صباح، ويكفى فقط ما ذكره سمير صبرى أنه ذهب لزيارة صباح منذ شهرين فقط، وكانت قد وصلت لحالة صحية متأخرة تدخل فى غيبوبات وتستيقظ قليلاً وقالت إن هويدا جاءت لزيارتها من أمريكا فطلبت منها الأم البقاء معها لأنها فى حاجة لها خاصة أن كل خالاتها رحلوا ولم يعد يسأل عنها أحد تقريباً، فردت « لا يا مامى أنا سأعود لأمريكا لأن كلبى فى البيت وحده فمن سيؤكله يعنى أسيبه يموت! دا غالى عندى»، هنا بكت الأم بشدة، ولم تفلح معها حالات الترجى لابنتها الوحيدة التى قدمت لها الكثير، مؤكدة لسمير « مش عارفة جايبة القسوة دى منين هو أنا ماعملتش أى خير فى حياتى يبقى لى فى بنتى دا أنا حتى انفقت كل ما كسبته على أهلى وأولادهم لماذا تركونى هكذا».
ولحظة كلامها مع سمير صمتت حيث دخلت فى غيبوبة طويلة من شدة التأثر، هذه هى صباح فى آخر أيامها، تركتها ابنتها وحيدة، ولم يشفع لها أنها باعت بيتها وأقامت فى فندق من أجل إدخال هويدا مصحة نتيجة إدمانها المخدرات وعادت حالة هويدا فى التحسن.
نبيلة عبيد وسمير صبرى
على مدار عامين متتاليين، التقيت بصباح مرتين، فى مهرجان الأغنية لدول البحر المتوسط فى فندق السلاملك بالمنتزه عامى 2000 و2001 عندما كان يديره سمير صبرى، وانبثق من جمعية مبدعى وفنانى السينما، وكان سمير يحرص على دعوتها وتكريمها، لأنه يعلم مدى سوء حالتها النفسية، وكانت الأضواء وقتها تنزوى خطوة خطوة، وكانت صباح فى هذه الفترة قد أعلنت خطبتها لملك جمال لبنان - شاب يريد الشهرة والظهور - «عمرو محيو»، لكن بمجرد أن أخرجته صباح من حياتها، لم يسمع أحد عنه شيئاً، لأنه خرج من دائرة الضوء بجوار الفراشة. أجريت معها حوارين وسجلت معها أكثر من ست ساعات حكت لى فيهما أسراراً كثيرة نشرت بعضها واستحيت أن أنشر الآخر لأن بعضه، لو كان نشر كما هو، لكان قد جلب المشاكل لشخصيات، كانت ولاتزال على قيد الحياة، ولما سألت سمير صبرى وقتها عن بعض الأشياء التى قالتها لى صباح فقال «نعم كله حقيقى هى الآن فى نوبة صراحة لم تعتدها من قبل وتخلصت من كثير من الدبلوماسية والتحفظ على كلامها»، وكان كل ما تقوله صباح حقيقى مائة فى المائة، وسوف انتقل فى بعض المحطات المهمة فى حياتها على عجل لأنشر ما عندى من أسرار لم تنشر من قبل وإن كان كتاب كامل لا يكفى صباح.. منها التالى..
عبد الناصر وراء خروجها من مصر
وقد عرض الرئيس الليبى السابق على صباح - فى 2006 - عندما باعت بيتها الشهير فى الحازمية، الإقامة فى قصر منيف بليبيا، لكنها رفضت مغادرة لبنان، لذلك قرر شراء بيت لها فى منطقة الحازمية، تلك المنطقة التى كان فيها بيتها القديم بمبلغ مليون دولار، لكن مع الأسف آخر أزواجها فادى لبنان «بيعها اللى وراها واللى قدامها» كما يقول المثل.
طلب منى بعض أصدقاء صباح عدم الخوض فى نقطة تركها مصر سنوات طويلة فى ستينيات القرن الماضى، لكن الحقيقة ما أعرفه من أصل القصة يجعلنى لا أريد أن أضن على القارئ العزيز بها، ثم إن هذا تاريخ ويجب أن يكتب صحيحا، فقد طلبت الضرائب من صباح مبلغا فلكيا عن حفلاتها وأعمالها السينمائية فى مصر، ورغم أن صباح تعامل معاملة الـ 7 نجوم وكذلك على أنها مصرية لأنها حصلت على الجنسية المصرية بعد زواجها الثانى من المصرى أنور منسى، إلا أن ذلك لم يشفع لها وباعت بيتها وصفت أعمالها وعادت للبنان سنوات ربما زادت عن العشرة .
أما السبب الحقيقى فهو أن الرئيس عبد الناصر كان على خلاف مع الرئيس اللبنانى - وقتها كميل شمعون - وكان شمعون يكره عبد الناصر ويستقوى بالأمريكان الذين يكرههم عبد الناصر، خاصة بعدما حدث منهم أنهم كانوا وراء رفض البنك الدولى تمويل السد العالى لدرجة أن شمعون استقوى بالأمريكان ليحمى نفسه من الرئيس المصرى، فأرسلت أمريكا أسطولها على السواحل اللبنانية، لأن شمعون كان يريد تجديد الثقة له لفترة رئاسية جديدة، ولأن عبدالناصر هو الذى كان وقتها يقرر كل شىء من خلال سفيرنا هناك فلم يكن يريد شمعون، وانقسم الجيش اللبنانى على نفسه وأصبحت حربا أهلية بين حزب الكتائب وحزب النجادة، برئاسة عدنان الحكيم، فقام سفيرنا وقتها وكان اسمه السفير عبدالحميد غالب بالإيعاز لنواب الجيش بانتخاب فؤاد شهاب وبالفعل جاء فؤاد شهاب رئيسا بدلا من كميل شمعون ومشيت كلمة عبدالناصر عليه لذا كان عدد من مسيحيى لبنان لا يحبون عبد الناصر الذى وصلته معلومات أن صباح مع كميل شمعون، ففتحت ملفات الضرائب وخلافه، وهذا هو السبب الحقيقى.
سر عدم حضور هويدا للجنازة والدها
هويدا ابنة صباح من ثانى زوج عازف الكمان أنور منسى لم تحضر جنازتها، وهذا الخبر تصدر نشرات الأخبار فى المحطات اللبنانية يوم الجنازة حيث قالوا حرفياً إن عدم حضورها من أمريكا يعود لأحد ثلاثة أسباب إما أنها لم تعلم بوفاة والدتها، وهذا غير معقول، أو أنها لا تملك ثمن تذكرة السفر، لكن كان باستطاعتها الذهاب لسفارة لبنان فى أمريكا وتطلب السفر والمساعدة، أو أنها عندما علمت بالنبأ أصيبت بأزمة أقعدتها الفراش، وهذا غير حقيقى لأنها تعلم بحالة والدتها الصحية، وهناك سبب رابع أكدت المذيعة أنهم سيحتفظون به لأنفسهم.
أنا سأذكر لكم السبب الرابع، فهويدا من داخلها تكره والدتها.. نعم تكره صباح الأم، فرغم أن صباح جعلت العالم كله يغنى لهويدا، وكانت أول مطربة بالشرق تغنى لابنتها، وجعلت الناس تغنى معها «أكلك منين يا بطة» وأغنية «حبيبة أمها»، ولما بلغت غنت لها «أمورتى الحلوة بقت طعمة ولها سحر جديد»، إلا أن هويدا عانت الإهمال من والدتها التى بنت بيتاً كبيراً فى منطقة الحازمية فى لبنان، سكنت فى طابق وأسكنت شقيقتيها نجاة وسعاد فى طابق تحتها، وأوكلت لهما رعاية هويدا لانشغالها بالغناء والتصوير للأفلام والحفلات والسفر، فتعلقت البنت بخالتيها وكانت تردد أن والدتها كانت تعامل أزواجها وتدلعهم أكثر منها وتفضلهم عليها، وفى سن الرابعة عشر دخلت هويدا على والدتها وصرحت لها أنها على علاقة «حميمة بشاب»، وقعت الأم على الأرض، ثم تمالكت نفسها وانهالت عليها بالضرب المبرح الذى ترك أثراً لم تنسه هويدا، ربما للآن، وكانت هويدا تردد للمحيطين والمقربين - ومن بينهم أصدقاء لى – « اشمعنى هى ؟» فكانوا يردون عليها «مامتك تتزوج».. فترد «خلاص تجوزنى»، ولما قامت الحرب الأهلية فى لبنان، انتقلت صباح للإقامة فى مصر، فأسكنت شقيقتيها فى المهندسين بعمارة بجوار «موبيكا» بالطابق الأول، وسكنت هى فى شقة أهداها لها جواهرجى مسيحى معروف - لن أذكر اسمه - هو الآن فى ذمة الله، وربما بناته لا يعرفون أن والدهم هو من أهدى لصباح تلك الشقة الفاخرة فى عمارة فريد الأطرش، تلك العمارة التى يسكن فيها الآن عمرو بدر الخبير السياحى، بعدما اشترى شقة فريد الأطرش من ورثته وجهزها بعدة ملايين من الجنيهات، وأقام بها حفل افتتاح أثناء أزمة ثورة يناير من أربع سنوات وكتبت ذلك وقتها.
وظلت هويدا مع خالتيها أيضاً، ودخلت عالم الفن بظهورها على طبق من ذهب فى فيلم «نار الشوق» أمام والدتها وفتحت السينما والمسرح لها، أبوابها رغم أنها كانت نصف موهوبة ولكن اسم والدتها كان المروج لها وفى فترة أزمة الانتفاضة التى أطلقوا عليها «انتفاضة الحرامية» فى عهد السادات كانت هويدا بطلة مسرحية «المتزوجون» مع سمير غانم وفريدة سيف النصر وكانت وقتها مدمنة كحوليات ومخدرات وانتظامها بالعمل فى المسرحية جعلها تقلع عنها لفترة لكنها عادت لها بعد ذلك.
وكانت آخر أغنية غنتها صباح قبل تركها مصر وقتها، من ألحان عبد الوهاب ومرت السنوات وكتب فاروق شوشة أغنية يجهزها لصباح اسمها «والله واتجمعنا تانى ياقمر» التى بدأتها بموال فى حب مصر وتردد أن عبد الوهاب كان يعلم مدى اشتياق الناس فى مصر لصباح فكان يريد أن تفتح الحفل بعد سنوات الغياب بالأغنية التى لحنها لها قبل سنوات الرحيل لكن باءت المحاولات بالفشل وغنت لحن محمد الموجى واتجمعنا تانى ياقمر وبمناسبة محمد الموجى، فقد ذكرت لى صباح أن محمد الموجى أحبها بشدة وطلبها للزواج لكنها قالت له «أنت مثل خى» يعنى «أخى ياموجى» فبكى كما قالت إن عماد حمدى طلبها للزواج وعزالدين ذو الفقار بعد طلاقه لفاتن حمامة وإذ ربما جائز وصحيح.
تزوجت صباح ثمان مرات، المرة الأولى من اللبنانى نجيب شماس، والد ابنها صباح شماس، المقيم حالياً بأمريكا ويعمل طبيبا نفسيا، وهو مسيحى الديانة، وابنتها هويدا من الزوج الثانى عازف الكمان المصرى أنور منسى مسلمة، وبالمناسبة حضر صباح جنازة والدته عكس هويدا.. الزوج الثالث، المذيع اللبنانى وسيم طبارة، وبحسب ما ذكرت لى، كان لا هم له سوى الجلوس فى الحجرة التى جهزها لنفسه، وكان يعشق اللاسلكى، فكان طوال الوقت يستخدمه للحديث مع غالبية المشاهير من الشخصيات الفنية والسياسية التى عرفها من خلال صباح، ومنهم أمراء وملوك دول عربية، والرابع هو النائب اللبنانى جو حمود أو يوسف حمود وكان يحبها ويغار عليها بشدة وتقريباً هو أكثر الأزواج الذين انفقوا عليها.. الزوج الخامس كان الممثل يوسف شعبان وهى مفاجأة غريبة، تذكر صباح أن الزواج لم يستمر سوى شهر حيث اكتشفت أنه لم يكن يحبها لشخصها ولكن لشهرتها، السادس الأمير خالد بن سعود بن عبد العزيز آل سعود وكان زواجها لعدة أشهر ولم تكمل العام وتم الطلاق بسبب ضغوط العائلة، السابع المذيع المرحوم أحمد فراج الذى كان يقدم برنامج «نور على نور»، وظهر معها فى أحد أفلامها بطلاً، بعدها تزوجت رشدى أباظة وكان حبها الأكبر، واستمر الزواج بحسب ما قالت لى صباح أياماً قليلة حيث تزوجته بعد إلحاح منه وكان متزوجاً وقتها من الراقصة سامية جمال، وذهبت فى رحلة لإحياء حفلات فى تونس فكلمتها إحدى شقيقاتها أن الصحافة المصرية تهاجمك وتقول إنك خطفتى زوج زميلة لك بالوسط، وتكمل صباح: «حزنت لذلك وقطعت رحلتى وعدت وطلبت منه الطلاق فقال أطلق سامية أما أنتى لا» فردت: «لو حدث هذا لن ترانى طوال حياتك» وطلقت خوفاً على اسمى. . أما الزوج الأخير فهو فادى لبنان.