الجمعة 22 نوفمبر 2024 12:27 مـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    المقالات

    في اليوم العالمي لمكافحة الفساد .. ”الحوكمة” سلاح الدولة للقضاء عليه

    هيثم تركي المحاسب القانوني وخبير حوكمة
    هيثم تركي المحاسب القانوني وخبير حوكمة

    من المسلم به ـ بوجه عام ـ أن الفساد أصبح مشكلة على مستوى العالم، سواء أكان هذا الفساد سياسيا أو غيره، أو كان صغيرًا أو كبيرًا. ومن الشواهد على ذلك تلك المؤتمرات والفعاليات التي كان محورها القضاء على هذا الفساد. غير أن الآراء اختلفت حول: من يتحمل ـ في نهاية المطاف ـ مسئولية هذا الفساد؟.. وكيف يمكن محاصرته والحد منه؟.. ومن سيتولى قيادة عملية التطهير؟
    من الواضح أنه لا توجد إجابات بسيطة فيما يتعلق بالتعامل مع الفساد، بأوجهه المتعددة وأجزائه الكثيرة المتغيرة.. في بعض الأحوال يكون مجتمع الأعمال مصدرًا للفساد، وفي أحيان أخرى يكون هو الضحية. الحكومة بتحارب الرشوة و تسعي بصورة دائمة لإنشاء مؤسسات للنزاهة والشفافية.

    يؤدى الفساد إلى تقويض ثقة الشعب في الحكومات، وفى شرعية كل من مؤسسات القطاعين العام والخاص، ولذا فللفساد ضريبة آثارها مدمرة على الاقتصاد القومي، خاصة حين تستطيع الأسواق العالمية الحرة أن تغير اتجاه الاستثمارات وتدفق رؤوس الأموال نتيجة فقدان الثقة في بعض الأسواق، بسبب تفشي الفساد المؤسسي. يؤثر الفساد على جميع أنواع وأحجام شركات الأعمال ـ بد ًءا من الشركات العالمية، حتى المشروعات الصغيرة والمتوسطة و متناهية الصغر، والتعاونيات ـ بدرجات متفاوتة طبقا لقدرة كل منها على التعامل مع آثاره. وللفساد القدرة على تدمير الشركات، وتدمير أموال المودعين بالبنوك وحاملي الأسهم بالشركات ـ الذين يعتمدون في حياتهم على عوائد تلك الاستثمارات ـ مما يترتب عليه انهيار سمعة القطاع الخاص وتجريده من جميع الصفات الإنسانية، رغم كونه يمثل القوى الإيجابية للنمو الاقتصادي والتنمية في الدول النامية.

    على شاشات التليفزيون وفي عناوين الصحف، تطالعنا بشكل يومي فضائح الفساد في الشركات ـ من قضايا صغيرة للفساد الفردي، إلى انهيارات بمليارات الدولارات ـ مما يصدم ضمير المجتمع. هذه التغطية الهجومية من قبل وسائل الإعلام تشكل الصورة السلبية للقطاع الخاص عند عامة الناس. ومن المثير أن هذا الهجوم يأتي في وقت ربما يكون هو الأفضل من أي وقت آخر، حيث يتزايد الاهتمام بوضع قواعد لمبادئ وقيم أخلاقيات العمل، والشفافية، والمساءلة، استعدادًا لانطلاق قطاع خاص يعمل بمقتضى تلك القواعد والمعايير.

    يمكن للقطاع الخاص أن يكون جبهة مهمة في وضع الحلول لمشكلة الفساد، وأن تتولى الشركات المصرية هذه المهمة، وأن تؤديها بطرق عديدة. بعضها بالمشاركة من خلال جمعيات الأعمال ـ أو أي نشاط جماعي آخر ـ من أجل إصلاح مناخ مجتمع الأعمال كي يصبح أكثر شفافية، والبعض الآخر بالدفع في اتجاه تبني المستويات الأخلاقية والممارسات العادلة في التعامل مع المجتمع. وعلى أية حال، فإن الحلول التي يتبناها القطاع الخاص ليست ذات طبيعة سطحية فقط، وكثير من الشركات شرعت بالفعل في النظر بعمق بحثا عن سبل تضمن عدم استدراجها إلى مناخ الفساد، وعلى سبيل المثال، فإحدى القضايا التي تواجه الشركات الناشئة، تتمثل في كيفية التأكد من أن قيادة الشركة تتابع مكافحة تسرب الرشوة عبر الشركة، بد ًءا من أعضاء مجلس الإدارة، حتى أصغر موظف في أحد مكاتب الشركة الكائنة في دولة تبعد آلاف الأميال عن مقر الشركة الأم.

    إن وضع أسس قوية لحوكمة الشركات هو أحد الطرق لمجابهة هذه المعضلة ـ ومعضلات أخرى ـ وهو أمر آخذ في الازدياد، ليس فقط كأداة لزيادة الكفاءة وتحسين فرص إتاحة رأس المال وتأمين الحفاظ عليه، بل أيضا كأداة فعالة لمكافحة الفساد. وبشكل بسيط، فعلى مستوى التعاملات اليومية، تسهم ممارسات الحوكمة في صعوبة إعطاء الرشوة وكذلك إخفائها، وعلى مستوى صنع القرار، تسهم الحوكمة في تعزيز الشفافية والمساءلة، بحيث يتضح بشكل جلي كيف تتم صناعة القرار، ولماذا.

    إن السلوك الأخلاقي للشركات نادرًا ما يعترف به كحجر الزاوية في الحوكمة الرشيدة للشركات، إلا أن الأخلاق ـ وبطرق عديدة ـ تشكل أساس سلوك مجتمع الأعمال، سواء كان ذلك على مستوى مجلس الإدارة، أو الموظفين، وبغض النظر عن موقع الشركة الجغرافي أو حجمها أو نوعية نشاطها، فالخلفية الأخلاقية في إجراءات صنع القرار يمكن ملاحظتها ليس فقط في شركة كبرى بينما في جميع مرافق الدولة المصرية وفيما يتسق مع رؤية التنمية المستدامة ٢٠٣٠ التي وضعتها القيادة السياسية.

    هيثم تركي المحاسب القانوني وخبير حوكمة معتمد من مؤسسة التمويل الدولي ومجموعة البنك الدولي

    هيثم تركي مكافحة الفساد الحوكمة اليوم العالمي لمكافحة الفساد