شعرة معاويه ...والعلاقات الاجتماعية والسياسية
شاهيناز عباس مصر وناسها
كان معاويه بن ابي سفيان يقول في مجالسه: "لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت"، وسأله بعضهم: كيف ذلك؟ فقال: "كنت إذا شدوها أرخيتها، وإذا أرخوها شددتها".
هذا القول الذي صار قاعدة سياسية ودبلوماسية يُعمل بها حتى أيامنا هذه، منسوب إلى معاوية بن أبي سفيان مؤسس أول إمبراطورية عربية إسلامية
يقول العقاد: "لم يفخر معاوية بصفة كما كان يفخر بحلمه.. كان يفاخر خاصته بالدهاء بينه وبينهم".
ويضيف العقاد، "ولكنه لم يفخر قط بالدهاء علانية كما كان يفخر بالحلم والأناة، ولا غرابة في ذلك من جميع الوجوه، فما من رجل على نصيب من الدهاء يعلن دهاءه ويفخر به، وهو يستطيع أن يخفيه ويموهه بالنصيحة والصراحة، ومن صنع ذلك فهو كالصائد الذي يكشف حبالته للقنيصة، وهي خليقة ألا تقع فيها إذا انكشفت لعينها".
فن التعامل مع الآخر بإعتدال ....السياسة الرشيدة ...التوازن في الحكم علي الآخرين ....لا تنجرف ولا تندفع بل توازن ...لا تستطع ليس بسهولة...حاول مرة أخري قدر الإمكان ..نواجه في حياتنا أناسا مهذبين وقد نواجه غير ذلك..فلا تجادل من دون ذلك فيستدرجك إلي ظلمات عقله وأخلاقه فتتساوي معه دون قصد منك
هذه الشعره ما بين الانقطاع التام والتواصل التام بينهما تدرجات متعدده.... في أي منها ستستقيم الأمور يا تري ؟
ما بين اللين والشدة....التغافل والانتباه...التعايش والمنافسة..... إبقاء الأمور في المنتصف أي ما بين بين.....
فتتجسد أبرز أركان فلسفة معاويه بن أبي سفيان حينما كان يقول: "إني لأرفع نفسي أن يكون ذنب أعظم من عفوي، وجهل أكبر من حلمي، وعورة لا أواريها بستري، وإساءة أكثر من إحساني".
عندما يقول المرء متمثلا بهذه الكلمات: «اجعل بينك وبينهم شعرة معاوية»، أي: تصرف معهم بالكياسة وبُعد النظر حتى تحتويهم..
و«شعرة معاوية» ترسخ لمبدأ عظيم من أصول الحنكة السياسية، وقد أرسى قواعدها معاوية الذي عده الناس من دهاة العرب.
ولأمير المؤمنين علي بن أبي طالب قولا : أحبب حبيبك هونا ما، فربما كان بغيضك يوما ما.. وأبغض بغيضك هونا ما فلربما كان حبيبك يوما ما.. حتى في الحب والبغض هناك أناسا متطرفون.. لا يعرفون الوقوف في المنتصف....... إما أن يحبك كلك أو لا يحبك تماما..
فلنحاول أن نحافظ على شعرة معاوية في علاقتنا معهم فالدنيا تدور وينقلب العدو صديقا، والصديق خصما لدودا! وقد تحدث الخصومة بسبب بسيط مثل فلتات اللسان
الإنسان مخبوء تحت طي لسانه .....حقيقة المرء لا يظهرها إلا لسانه وصفحات وجهه..... وقد يسعى الإنسان بعض الأحيان أن يضمر ما بداخله..... ولكن قد تفلت بعض الكلمات منه دون قصد، وهذه الكلمات قد تكون مفاتيح تكشف عن بعض الأمور التي يضمرها الشخص عنك
الناس يقولون: الألسنة مغارف القلوب، ويعنون بذلك أن ما تكنّه القلوب لا بدّ من أن يظهر في فلتات اللسان، وكذلك الأمر هنا، فإن الفعل الصغير الذي يتكرر من الشخص يدلُّ على ترسخ أصل هذا الفعل في نفسيته
قول فرويد في كتابه علم أمراض النفس الحياة اليومية إن زلات اللسان هي أفعال خاطئة، بمثابة مرآة تكشف أفكاراً أو أمنيات دفينة، أي هي فكرة في اللاوعي تخرج للنور عبر خطأ لغوي
- "ما أضمر أحدٌ شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه".
علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أما الصراعات الصفرية في السياسة وهي التي تصل إلي نقطة الاختلاف المدمر .... لا غالب أو مغلوب فيها...... ولا ينجو أي حاكم أو محكوم من تبعاتها
هل يصلح أن نطبق عليها شعرة معاويه كنوع من التصالح والتوازن ...... تقدير قدرة الجماهير علي الصبر والتحمل وتحديد معايير الاحتواء الشعبي
........مدي الاستعداد للتراجع عن الأخطاء من شيمة الأشخاص ذوي الحنكة والحلم والتوازن في السعى لتحقيق الآمال والخطط الطموح التي تدعمها الجماهير..... تقبل النقد والمراجعة...... التمهل والتراجع..... إذا كان الامتعاض أو الرفض لها مستمرا وذلك ......حتى لا تنقطع شعرة معاوية.