الإثنين 28 أكتوبر 2024 02:27 صـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    عربي ودولي

    أزمة دبلوماسية بين مالي وأوكرانيا.. هذه تفاصيلها | دراسة

    أزمة مالي وأوكرانيا
    أزمة مالي وأوكرانيا

    نشبت أزمة دبولماسية بين دوليت أوكرانيا ومالي، كشفت تفاصيلها دراسة نشرها "مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية" المتخصص في الشؤون الأفريقية.

    واوضحت الدراسة أن الحرب الروسية الأوكرانية حرب سيادة بالدرجة الأولى؛ حيث إن أوكرانيا ترى لنفسها الحق في سيادتها لتقرير مصيرها سياسيًّا، فلها أن تختار التعاون مع المعسكر الغربي بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، عدو فيدرالية روسيا الموروثة من الاتحاد السوفيتي، بينما ترى روسيا لنفسها الولاية على أوكرانيا وكل دول الاتحاد السوفيتي البائد، فمن هذا المنظار ترى روسيا أوكرانيا ولدًا عاقًا يجب تأديبه، فلذلك رأت روسيا محاولة امتداد حدود حلف شمال الأطلسي إلى حدودها تهديدًا حقيقيًّا بكل ما تحمله الكلمة من معاني التهديد، فقامت بمداهمة جارتها الأوكرانية في الرابع والعشرين من فبراير 2022.

    وفي الثلاثين من نفس العام، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمه لأربعة أقاليم في شرق وجنوب أوكرانيا، فالتف المعسكر الغربي بأسره حول أوكرانيا وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعد الداعم الرئيسي لأوكرانيا في مواجهة روسيا مع حلفائها بدورها من المعسكر الشرقي من كوريا الشمالية والصين والهند، و هكذا تدور في أوكرانيا حرب مصالح بالوكالة بين القوى الكبري العالمية بين المعسكر الغربي والشرقي عامين كاملين دون أن ينتصر أي طرف على آخر، وتفوق التكاليف والخسائر من كلا الجانبين التصور.

    وتقاتل مجموعة ” فاغنر” الروسية غير النظامية إلى جانب القوات الروسية النظامية في أوكرانيا، وهي نفس المجموعة التي تقاتل في عدة دول أفريقية والتي منها “مالي”، وإن كان التعبير الرسمي للحكومة هو “مدربون روس”؛ حيث إن مالي، ومن خلال التعاون العسكري مع روسيا ضمن سياستها الجديدة، القاضية بالإعراض عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة لفشل التجارب معها، والإقبال على روسيا. بل وتوقيع اتفاقيات عسكرية مشتركة معها، ولذلك فإنها تستقبل في صفوفها، وفي إطار هذا التعاون العسكري، مدربين ومقاتلين روسًا والمعروفون بـ”فاغنر”.

    وحسب ما يبدو، فإن أوكرانيا، تريد أن تنقل الحرب من الأراضي الأوكرانية الروسية إلى أفريقيا بالوكالة، حيث يتنامى النفوذ الروسي، حيث كانت أولى هذه التحركات الأوكرانية ضد روسيا في شمال مالي، وبالأخص في معركة” تنزاوتن” بين الجيش المالي وبين المتمردين، والتي اتهمت فيها الحكومة المالية أوكرانيا بمد المتمردين بالمعلومات الاستخباراتية، والتي بسببها مُني الجيش الوطني والعناصر الروسية بخسائر فادحة في الأرواح والمعدات.

    ولقد عدت السلطات المالية ذلك دعمًا صريحًا للإرهاب والإرهابيين في بيان مفصل للحكومة، فأعلنت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا فورًا.

    العلاقات المالية الأوكرانية

    على المستوى السياسي: ترجع العلاقات بين مالي وأوكرانيا إلى عهد الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات من القرن الماضي؛ حيث تلقى كثير من الكوادر المالية تكوينهم في أوكرانيا ضمن المظلة الروسية، وعندما هبَّت رياح الحكم الديمقراطي على القارة الأفريقية عام 1992، والتي انتخب فيها “ألفا عمر كوناري” كأول رئيس ديمقراطي للبلاد، أعطى دفعة جديدة للعلاقات بين البلدين، وكانت أوكرانيا قد أرسلت 20 عنصرًا من القوات المسلحة الأوكرانية للمشاركة في القوات الأممية متعددة الجنسيات لاستتباب الأمن واستقرار مالي، وكانت العلاقات بين البلدين قد عرفت أول انتكاسة لها في بداية الحرب الروسية الأوكرانية عند التصويت على قرار لمجلس الأمن الدولي مطالبًا روسيا بالانسحاب من أوكرانيا، فصوتت مالي ضد القرار مع ست دول أخرى.

    على المستوى الاقتصادي: فقد عرف التبادل التجاري بين البلدين نموًا ملحوظًا في الأعوام الماضية، حيث وصلت إلى 17 مليون دولار، وتتضمن الصادرات الأوكرانية إلى مالي المعادن الحديدية والطائرات والسيارات الكهرابائية، بينما تصدر مالي المفاعلات النووية والقطن والثمار، وكان البلدان بصدد تعزيز تعاونهما الاقتصادي والتجاري، وخاصة في مجالات الزراعة والمعادن، والاتصالات الإلكترونية والإنتاج الكهربائي، بمساعد الآليات المالية الأممية.

    ولقد اندلعت الحرب الحرب الروسية الأوكرانية يوم اندلعت والطلاب الماليون في دراساتهم العليا في مختلف التخصصات في الجامعات الأوكرانية بمنح دراسية من ” كييف”.

    وصف معركة تنزاواتن

    وقعت المعركة فيما بين 25 إلى 28 يوليو 2024، عندما تعرض موكب عسكري يتكون من مقاتلين روس” فاغنر” والجيش المالي متوجهًا إلى منطقة “تنزاواتن” على الحدود الجزائرية المالية لكمين من طرف قبائل الطوارق التي تسعى لاستقلال شمال مالي. فبينما كان الجيش المالي والمقاتلون الروس على مسافة كيلومترين من الحدود الجزائرية تعرضوا لعاصفة رملية، أوقفت تقدم القافلة، فانتهز المتمردون الفرصة لوضع كمين أمام الركب العسكري، فاندلعت مواجهات هي الأعنف من نوعها بين الطرفين، وبحكم المعلومات الاستخباراتية، وحتى المعدات العسكرية التي كان المتمردون قد تلقوها من أوكرانيا مسبقًا – حسب بعض المصادر – فإنه من خلال هذه المواجهات تكبد المقاتلون الروس والجيش المالي على حد سواء خسائر في الأرواح هي الأعلى لهم منذ تدخلهم في مالي.

    ثم أصدر الجيش بيانًا أكد فيه سيطرته على الموقف وأنه تمكن من سيطرته على %95 من التراب الوطني، بفضل القدرات الجوية، وأنه تمكن من طرد قطاع الطرق الذين كانوا قد أقاموا نقاط تفتيش مزورة لمصادرة أموال المواطنين العُزَّل. وعرضت التلفزة الوطنية صور المقاتلات وهي تحلق في سماء المدينة، وقالت إنها قصفت خمسة مواقع للمتمردين في المنطقة، وأن القوات البرية دخلت المدينة وقامت بعمليات تمشيط داخلها. وقال البيان: إنه يجب الحفاظ على المساحات التي تمت إعادتها في مواجهة جماعات مسلحة مجندة ومدربة، ذات استخبارات، والتي كادت تضر بالجهود التي قام بها حكومة المرحلة الانتقالية لحد الآن.

    ويجدر التذكير بأن ثلثي مساحة مالي شمالًا، كانت قد سقطت في أيدي المتمردين بعد انقلاب عام 2012، وقد بقي شمال البلاد تحت سيطرتهم وخاصة مدينة ” كيدال” طيلة عشر سنوات، وحتى انقلاب 2021 الذي أوصل العقيد “عاصمي غويتا” ورفاقه إلى مقاليد الحكم، حيث غيروا مسار سياسة البلاد من المحور الفرنسي من لدن الاستعمار، إلى المحور الروسي، حيث وقعوا اتفاقيات عسكرية معها، زودت الجيش المالي بموجبها أسلحة متطورة، كما وقعوا اتفاقية مع المؤسسة الروسية شبه العسكرية المعروفة بـ”فاغنر” حيث أرسلت أعدادًا كبيرة من المقاتلين إلى مالي للقتال إلى جانب صفوف الجيش المالي، فتمكنت من قلب موازين القوى بين الجيش الوطني والمتمردين، حيث انتقلت من نصر إلى نصر، وحتى تحرير مدينة “كيدال” الكبيرة المتنازل عليها، والمعقل الرئيسي للمتمردين في شمال البلاد.

    وبعد تحرير المدينة خرج المتمردون منها ولجؤوا إلى “منطقة” على الحدود الجزائرية، وبعد تحرير بقية مناطق البلاد، اتجه الجيش إلى تلك المنطقة لتحريرها، فدارت بينهما هذه المعركة وما تبعها من وردود فعل.

    مآخذ حكومة مالي على أوكرانيا:

    تلا المتحدث باسم الحكومة المالية، العقيد عبد الله ميغا، والذي أصبح صوته على التلفزة الوطنية رمزًا للسيادة والاستقلال، إذ لا يخرج إلا لأمر جلل ومصيري للأمة، بيانًا هو الثامن والستون من نوعه لحكومة المرحلة الانتقالية منذ وصول العسكر إلى مقاليد الحكم في مالي في الرابع والعشرين من مايو 2021، جاء فيه:

    “لقد علمت الحكومة المالية بدهشة كبيرة بتصريحات المتحدث باسم الوكالة الأوكرانية للاستخبارات العسكرية، السيد أنريه يوسف، والتي أقر فيها ضلوع أوكرانيا في الهجمات الهمجية والبربرية للجماعات الإرهابية المسلحة، والتي قضى فيها عناصر من القوات المسلحة الوطنية في منطقة “تنزاوتن” كما تكبد خسائر في المعدات.

    وقد أكد السفير الأوكراني في “السنغال” السيد يوري بفوفاروف هذه التصريحات، والذي أبان وأمام العالم دعم بلاده للإرهاب الدولي وخاصة في مالي، ووعد بنتائج أخرى في المستقبل.

    إن هذه التصريحات جد خطيرة، وتنم بشكل صريح عن دعم الحكومة الأوكرانية للإرهاب في أفريقيا، في منطقة الساحل، وبشكل أخص في مالي.

    إن الحكومة المالية تؤكد أن هذا الصنيع من السلطات الأوكرانية انتهاك سافر لسيادة الدولة المالية، ودعم للإرهاب الدولي، وخرق صريح للقانون الدولي، بما فيه ميثاق الأمم المتحدة.

    بعد ضلوع أوكرانيا في العمليات التخريبية والإرهابية في مالي وتبنيها، اتخذت حكومة المرحلة الانتقالية الإجراءات الآتية:

    قطع العلاقات بين جمهورية مالي وأوكرانيا بشكل فوري.

    رفع دعوى قضائية لدى السلطات المختصة، بعد تصريحات السيد يوري بفوفاروف، والتي تمثل أعمالًا إرهابية وتبريرًا للإرهاب.

    اتخاذ تدابير ضرورية ضد زعزعة البلاد، ابتداء من دول أفريقية ومن السفارات الأوكرانية في المنطقة بإرهابيين ملثمين في صورة دبلوماسيين.

    إعلام أنصار وداعمي أوكرانيا أنها دولة أعلنت دعمها للإرهاب، وعليه فإن مالي تعتبر دعم أوكرانيا دعمًا للإرهاب الدولي.

    أزمة دبلوماسية بين مالي وأوكرانيا