واشنطن.. والمخاوف من أمريكا واحدة سواء فاز ترامب أو بايدن
ساره محمد مصر وناسهامع تزايد فرص إعادة المنافسة بين جو بايدن ودونالد ترامب في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، يستعد حلفاء أمريكا لرحلة مليئة بالمطبات، فعلى مدار السنوات الثمانية الماضية، شهد العالم سياسات غير عادلة، وانحياز أمريكي في قضايا إنسانية محسومة، سواء كان الرئيس جمهوريا مثل ترامب، أو ديمقراطي مثل بايدن، وأصبح الكثير من المتابعين يقولون أنهما أصبحا وجهان لعملة واحدة، ويعد الرسوب الكبير لبايدن في أزمة الشرق الأوسط، والانحياز لإسرائيل رغم جرائمها في غزة، كانت بمثابة ورقة التوت التي كشفت عوار سياسات الديمقراطيين حول العالم.
وكان يظن البعض أن ولاية ترامب الثانية أنها ستكون بمثابة زلزال مدمر، ولكن الواقع كشف أن الهزات كثيرة بالفعل مع سياسات بادين أيضا، وتتزايد المخاوف من أن تصبح الولايات المتحدة أقل جدارة بالثقة بغض النظر عمن سيفوز، وفي ظل انقسام الناخبين والجمود في الكونجرس، فمن الممكن أن يصبح الرئيس الأميركي المقبل مستهلكاً بسهولة في تحديات متعددة في الداخل، حتى قبل أن يبدأ في معالجة بؤر التوتر في مختلف أنحاء العالم من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، وكان الحكم الأخير الذي أصدره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صريحا: "الأولوية الأولى لأميركا هي نفسها".
ترامب يدمر الروابط بين الولايات المتحدة وحلفائها
وبحسب تقرير نشرته صحيفة AP البريطانية، ففقد كانت إدارة ترامب الأولى بمثابة اختبار قوي للروابط بين الولايات المتحدة وحلفائها، وخاصة في أوروبا، فقد سخر ترامب من زعماء بعض الدول الصديقة، بما في ذلك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وتيريزا ماي البريطانية، بينما امتدح المستبدين مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والزعيم الروسي فلاديمير بوتين، فقد وصف الرئيس الصيني شي جين بينج بأنه "رائع"، ووصف رئيس المجر فيكتور أوربان بأنه "زعيم عظيم".
اقرأ أيضاً
- نتنياهو فى تصريح مستفز بشأن عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة
- تهم صادمة لزعيم طائفة ”يوم القيامة”
- تفاصيل الإتصال العاجل بين بوتين و الشيخ محمد بن زايد
- بعد حملات المقاطعة.. مطعم أمريكي شهير يعلن تضرر أعماله في الشرق الأوسط
- ضغوط داخلية تواجهها الإدارة الأمريكية بعد مقتل جنودها
- التفاصيل الكاملة للضربات الأمريكية في العراق وسوريا
- بوتين يكشف سبب إسقاط طائرة الأسرى الأوكرانيين
- بايدن : لا نريد ان نوسع نطاق الحرب فى الشرق الأوسط
- تفاصيل جديدة حول الهجوم الإسرائيلي..بعد اغتيال عدد من المستشارين الإيرانيين
- نجل رئيس الفلبين السابق دويترتي يسب الزعيم الحالي ويطالبه بالاستقالة
- هل احداث تكساس ..تنذر بحرب أهليه ؟
- البيت الأبيض: لا تغيير في السياسة تجاه إسرائيل
وفي خطاباته الانتخابية، يظل ترامب متشككا في منظمات مثل حلف شمال الأطلسي، وغالبا ما يندب المليارات التي تنفقها الولايات المتحدة على التحالف العسكري الذي كان دعمه حاسما في حرب أوكرانيا ضد الغزو الروسي، وقال في تجمع حاشد يوم السبت إنه، كرئيس، حذر حلفاء الناتو من أنه سيشجع روسيا "على القيام بكل ما يريدون بحق الجحيم" للدول التي لم تدفع أموالها في الحلف، وكتب ترامب أيضًا على شبكة التواصل الاجتماعي الخاصة به أنه يتعين على الولايات المتحدة في المستقبل إنهاء جميع تبرعات المساعدات الخارجية واستبدالها بالقروض.
بادين يتحدث فقط .. والواقع على النقيض
ووفقا لتحليل الصحيفة البريطانية، ففي الوقت نفسه، فقد كان بايدن يتحدث جيدا تجاه حلفاء أمريكا حول العالم، ولكن الواقع كان على النقيض من سياسته المعلنة، فقد جعل بايدن دعم أوكرانيا أولوية رئيسية وضرورة أخلاقية، ولكن تأكيد بايدن بعد انتخابه في عام 2020 على أن "أمريكا عادت" إلى المسرح العالمي لم يتم إثباته بالكامل، فقد أوقف الجمهوريون في الكونجرس تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، في حين عجز النفوذ الأميركي عن احتواء الصراع في الشرق الأوسط، والانحياز الكامل لتل أبيب ضرب مصداقية أمريكا بمقتل، بما في ذلك الداخل الأمريكي.
ويقول توماس جيفت، مدير مركز السياسة الأمريكية في جامعة كوليدج لندن، إنه أيا كان الفائز بالسباق الرئاسي، فإن اتجاه السفر سيكون هو نفسه - نحو كوكب متعدد الأقطاب حيث لم تعد الولايات المتحدة "القوة العظمى العالمية بلا منازع، ويمتنع معظم زعماء الحلفاء عن التعليق بشكل مباشر على الانتخابات الأمريكية، متمسكين بالقول بأن الأمر متروك للأمريكيين لاختيار زعيمهم، فيما قال ريتشارد دالتون، وهو مسؤول كبير سابق، إنهم يدركون أنه سيتعين عليهم العمل مع الفائز النهائي، أيا كان – وخلف الكواليس، ستقوم الحكومات "بالعمل خلف الكواليس" لإقامة روابط بهدوء مع الفرق السياسية للمتنافسين.
سواء بادين أو ترامب.. المخاوف من سياسات أمريكا واحدة
ولكن العديد من حلفاء أمريكا الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي يشعرون بالقلق من أن الولايات المتحدة، مع أو بدون ترامب، أصبحت أقل موثوقية، وقد بدأ البعض يتحدثون بصراحة عن حاجة الأعضاء إلى زيادة الإنفاق العسكري، والتخطيط لتحالف بدون الولايات المتحدة، ويقول المستشار الألماني أولاف شولتس إنه "يتحدث حاليًا عبر الهاتف كثيرًا مع زملائي ويطلب منهم بذل المزيد" لدعم أوكرانيا، وتعد ألمانيا ثاني أكبر مانح للمساعدات العسكرية لكييف، بعد الولايات المتحدة، لكن شولتز صرح مؤخرًا لصحيفة دي تسايت بأن بلاده لن تتمكن من سد أي فجوة بمفردها إذا "توقفت الولايات المتحدة عن تقديم الدعم لها".
وفي الوقت نفسه، تنشغل روسيا بتعزيز العلاقات مع الصين وإيران وكوريا الشمالية وتحاول تقليص الدعم الدولي لأوكرانيا، وأشار ماكرون أيضًا إلى أن الاهتمام الأمريكي يتركز بعيدًا عن أوروبا، وقال إنه إذا كانت الأولوية القصوى لواشنطن هي الولايات المتحدة، فإن ثاني أولوياتها هي الصين، وتابع في مؤتمر صحفي في يناير: "لهذا السبب أيضاً أريد أوروبا أقوى، تعرف كيف تحمي نفسها ولا تعتمد على الآخرين".
أنصار ترامب حول العالم يعيشون خدعة كبيرة
ورغم كارثية فترة تولى ترامب لرئاسة أمريكا على العالم، إلا أنه لديه أنصار في أوروبا، وخاصة الشعبويين المؤيدين لروسيا مثل أوربان في المجر، ولكن رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون أثار بعض الدهشة عندما زعم مؤخرا أن "رئاسة ترامب قد تكون على وجه التحديد ما يحتاجه العالم"، ويعد جونسون مؤيداً قوياً لأوكرانيا في صراعها ضد الغزو الروسي، في حين أشاد ترامب مراراً وتكراراً ببوتين وقال إنه سينهي الحرب في غضون 24 ساعة، ومع ذلك، قال جونسون في عمود لصحيفة ديلي ميل إنه لا يعتقد أن ترامب "سيتخلى عن الأوكرانيين"، ولكنه بدلاً من ذلك سيساعد أوكرانيا على الفوز في الحرب، مما يترك الغرب أقوى "والعالم أكثر استقرارًا".
وهنا يقول برونوين مادوكس، مدير مركز أبحاث تشاتام هاوس للشؤون الدولية، إن مثل هذه الحجج تقلل من شأن "مدى زعزعة الاستقرار" التي أحدثها ترامب، ومن المرجح أن تستمر في ذلك إذا أعيد انتخابه، وتابع: "بالنسبة لأولئك الذين يقولون إن فترة ولايته الأولى لم تلحق ضرراً كبيراً بالنظام الدولي، إحدى الإجابات هي أنه أخرج الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي الصفقة الرامية إلى الحد من برنامج إيران النووي، وفي ذات الوقت فرغم أن بايدن كان منتقداً لسياسة ترامب تجاه إيران، لكنه لم يتمكن من إعادة بناء الجسور مع طهران، التي تواصل استعراض عضلاتها في جميع أنحاء المنطقة.
بايدن يخسر الفلسطيين والإسرائيليين ونفسه رغم الانحياز
وويبدوا أن بادين يدمر ما يمتلكه الديمقراطيين من رصيد لدى حلافاء واشنطن بالعالم، ورغم انحيازه الفج لتل أبيب، وهو ما أخسره الفلسطيين والعرب والمنصفين في العالم، بل واخسره نفسه، إلا أن ذلك لم يكن كفيلا ليضمن تحالفه مع إسرائيل، فها هو كيان الاحتلال ينقلب عليه، ويقول دالتون، سفير المملكة المتحدة السابق لدى إيران، إن آفاق الشرق الأوسط ستكون "أسوأ قليلاً" في عهد ترامب مقارنة ببايدن، لكنه قال إن الاختلاف حول التوترات الرئيسية في المنطقة – الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وطموحات إيران – سيكون محدودا، وأضاف دالتون لوكالة أسوشيتد برس: “لن تقوم أي إدارة أمريكية بجهد جدي لحل الخلافات مع إيران من خلال الدبلوماسية، فقد أبحرت تلك السفينة منذ بعض الوقت."
وفي الوقت نفسه، يناشد الفلسطينيون ومؤيدوهم بايدن تخفيف الدعم الأمريكي لإسرائيل مع ارتفاع عدد القتلى المدنيين بسبب الحرب في غزة، لكن المتشددين في إسرائيل يقولون إن الولايات المتحدة تعمل بالفعل على كبح جماح الهجوم ضد حماس أكثر مما ينبغي، ومؤخرًا، قال إيتامار بن جفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إن بايدن لا يمنح إسرائيل "دعمه الكامل" وأنه "لو كان ترامب في السلطة، لكان سلوك الولايات المتحدة مختلفًا تمامًا"، ومثلهم كمثل حلفائها، لا يعبر خصوم أميركا علناً عن تفضيلهم لنتائج الانتخابات.