ثقب في الجحيم.. بقلم: أحمد عبد الله متولي

شيء لا يطاق ، النيران زحفت على كل شيء مسلح العمارات كثوب مهلهل بعض العمارات ركعت تماما على الأرض وأخرى تحولت الى أكوام هائلة من تراب وحجارة وثمة بقع حمراء هنا وهناك ( ترصع ) الجثث المرمية ... وعلى مسافة بعيدة عن ذروة الانفجارات والقصف المركز ، طارت الدكاكين كأنها من الكرتون ... الشظايا مغروسة فى كل مكان.. وبعض العمارات ... كانت فنادق شهيرة... أصبحت واجهة بلا قناع !
·

هول لم يكن ليصدقه أحد مهما قالوا عنه .. أرهف السمع ...حشرجات لرجل يعانى النزع الأخير .. راح يسقيه من الزمزمية همس الرجل كأنه يودع دنيا كاملة : نهاية تعسة لم أستطع انقاذ الصغار المهم الصغار ! وأشار بسبابته : أعظم ما يمكن أن تفعلوه الآن ... ادفنونا .. لا تتركونا للكلاب والضباع... الانسان كرامة .. ادفنونا ! ثم تدحرجت رأسه واستراح !
كان الى جواره راديو يثرثر عن السلام !
الدروب الموجعة تطل عليه ، الأرض خشنة ، بعض أشجار
متفحمة تطل عليه بوحشية وخيبة وهواء ساخن مشبع بالرمال
الهائجة

. التقطت أذناه صوت صغير يبكي ، رأه يرتجف
يشع النور من ثوبه الممزق
..
أعطاه كسرة خبز
سأله سؤالا
لا معنى له : لم البكاء ؟ لم يرد الصبى يلتهم قطعة خبز سأله : أين بيتك وأسرتك ؟ أشار الصبى الى حفرة هائلة : كانت هنا .. أسرتى كلها كانت هنا .. أرسلتنى أمى لاشترى خبزا وعدت ولم أجد الا حفرة !
لم يكمل الصغير جملته .. انقضت طائرات معادية في شراسة انبطحا أرضاً سكتت الغارة • نظر الى الطفل، وجده لا يعبأ بشيء

سأله الصغير : أمعك كسرة خبز أخرى .. أعطاه كل ما معه من طعام وخبز .. وتركه يأكل ووعده أن يعود اليه ليجد له حلا : لا تخشى شيئا .. سأعود ...لم يرد الصبى كأنه لا يسمع ... يلتهم الطعام !

الزمن بطىء ينشره كجزع شجرة .. الشمس دائرة جهنمية ۰۰ مثقوبة بألف مليون رصاصة غبية .. ترسل نورها الى القناصة والمجانين
النار أوسع من مساحة البصر .. أقلعت الطيور الى حتفها العرق يغمره بالملح .. راح يغطى وجهه بجريدة قديمة .. دائما
جريدة قديمة !
ارتمت على بصره جملة مكتوبة بالأحمر على جدار مثقوب : الموت للخونة ! .. ومن تحت الجدار تتصاعد روائح كريهة ..
لمخلفات حيوانية !