الجمعة 22 نوفمبر 2024 06:57 مـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    فتوي و دين

    حدث يوم عاشوراء .. نجاة نبي الله موسى وغرق فرعون وتفعيلا للإخاء الديني ونبذ الحقد والتنافر بين البشر

    مصر وناسها

    ذكرى يوم عاشوراء ، أمر بصيامه النبي، صلى الله عليه وسلم، فيأتي هذا الحدث العظيم، حينما أنجى الله موسى و أغرق فرعونَ ، صام موسى عليه السلام يومَ العاشر من محرم شكراً لله على نعمته وفضله عليه، لأن الله أنجاه وقومه وأغرق فرعون وجنوده، صامه موسى عليه السلام، وتلقته الجاهلية من أهل الكتاب، فكانت قريشٌ تصومه في جاهليتها.

    فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يصومه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض شهر رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه). متفق عليه.

    وكان فرعون يقتل فيه الذكورَ من بني إسرائيل، ويستبقي فيه الإناث، ولكن الله عز وجل، حفظ سيدنا موسى عليه السلام من كيدهم، ووقاه من شرهم، وتربى في بيت آل فرعون، لما لله في ذلك من حكمة.

    وقدم الرسول المدينةَ مهاجراً، واليهود بها، فوجدهم يصومون اليوم العاشر، سألهم: ما سبب الصيام؟ قالوا: يومٌ أنجى الله فيه موسى ومن معه، و أغرق فرعونَومن معه، فصامه موسى شكراً لله عز وجل.

    وعلى هذا ف صيام عاشوراء على ثلاث مراتب:

    صوم التاسع والعاشر والحادي عشر، هي المرتبة الأولى، أما الثانية، فهي صوم التاسع والعاشر فقط، أما الثالثة فيه صوم العاشر وحده، وقال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله - : (فإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام، وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر). وإن لم يعد صيام هذا اليوم واجبا فهو ينبغي الحرص عليه لأن صيامه يكفر السنة الماضية والسنة الحالية.

    وروى ابن عباس قال: (ما رأيت النبي يتحرى صوم يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء) وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء) رواه الطبراني.

    تفعيلا للإخاء الديني

    ويقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن حدث يوم عاشوراء يعد تأصيلا إذا مالت الشرائع السماوية، وتفعيلا للإخاء الديني في صورة عملية تطبيقية، ودلالة واضحة على أن الإسلام ما جاء ليهدم ما قبله من شرائع منسوبة إلى السماء بل جاء للتعايش معها، قال الله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)، وقال الله عز وجل، (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا)، وبهذا فالإسلام ينتزع عوامل الصراع، والحقد والتهاجر، والتنافر، والتدابر بين بني البشر، فإذا كان يوم صوم عاشوراء احتفالا بنجاة سيدنا موسى عليه السلام وبني إسرائيل من عدوهم، والرسول محمد "صلى الله عليه و سلم"، آثر أن يحيي هذا اليوم بشعيرة دينية، تعد معلمًا من معالم شرع الله تعالى.

    دستور المدينة

    ويشير د. كريمة إلى أن موادعة النبي، محمد صلى الله عليه وسلم، من أهل الكتاب من يهود ونصارى، بل وتوصيته بأقباط مصر، خير شاهد على التعايش بين الإسلام وغيره من أتباع الشرائع، ثم يذكرنا هذا ب دستور المدينة ، الذي أمر به النبي، صلى الله عليه وسلم في 54 مادة ذكرتها كتب السير المعتمدة كابن هشام، والتي تحقق حرية الاعتقاد والتنقل والمعيشة، والأمن للناس على السواء، مما يدل ويؤكد على مبدأ (الحوار مع الآخر).

    وأضاف، إن يوم عاشوراء هو اليوم الوحيد في الشعائر اليهودية الذي يؤرخ عندهم بالتقويم القمري، ويصومون هذا اليوم ولكن ليس كصيام المسلمين، أما اليهود بطبيعتهم العداوة مهما مد الآخرون أيديهم إليهم، لأنهم يشعرون بأنهم وحدهم لهم التميز والاستعلاء لأجل ذلك لا يقيمون أواصر الود مع غيرهم مطلقًا، وصدق الله العظيم (كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) فطبيعتهم طبيعة عدوانية، ولايقيمون وزنا للمسيحية ولا للإسلام، ويظلون هكذا إلى يوم القيامة.

    فضل شهر المحرم

    ويقول الشيخ أحمد تركى مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف. إن لله في أيامه لنفحات، ويسر الله لعباده سبل الخير، وفتح لهم أبواب الرحمة، وأنعم عليهم بمواسم البر والخيرات واكتساب الأجر والمثوبة، ورتب الأجر الجزيل على العمل اليسير تكرماً منه وفضلاً ومنَّة على عباده المؤمنين؛ ليستدركوا ما فاتهم ويكفروا عن سيئاتهم، ومن مواسم الخير والمغفرة "يوم عاشوراء".. فقال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُم..ْ) التوبة، الآية 36

    وقد جعله النبي "صلى الله عليه وسلم" من أفضل الشهور للصوم بعد صيام رمضان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل) صحيح مسلم.

    وقال ابن رجب في "لطائف المعارف": (وقد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله عزّ وجل: أنه إشارة إلى تحريمه إلى الله عز وجل، ليس لأحد تبديله، كما كانت الجاهلية يحلونه ويحرمون مكانه صفر، فأشار إلى أنه شهر الله الذي حرمه، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغييره).

    وقد ذكر عن السلف أنهم (كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من المحرم)، وقال ابن رجب: (وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم: شهر الله. وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته، كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء ـ صلوات الله عليهم وسلامه ــ إلى عبوديته، ونسب إليه بيته وناقته)، وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم (قوله صلى الله عليه وسلم أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم.

    عاشوراء في التاريخ

    ويروي لنا الشيخ تركي قصة عاشوراء في التاريخ موضحا (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ماهذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم. فصامه وأمر بصيامه" (رواه البخاري)، وفي رواية لمسلم: "هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه" وقوله: "فصامه موسى" زاد مسلم في روايته: "شكراً لله تعالى فنحن نصومه"، وفي رواية للبخاري: "ونحن نصومه تعظيماً له". ورواه الإمام أحمد بزيادة: "وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكراً". وقوله "وأمر بصيامه" في رواية للبخاري أيضاً: "فقال لأصحابه: أنتم أحق بموسى منهم فصوموا".

    ذكريات عاشوراء في الجاهلية

    وأضاف، صيام عاشوراء كان معروفاً منذ أيام الجاهلية قبل البعثة النبوية، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: "إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه". قال القرطبي: "لعل قريشاً كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم عليه السلام". وقد ثبت أيضاً أن النبي "صلى الله عليه وسلم"، كان يصومه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، فلما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يحتفلون به فسألهم عن السبب فأجابوه كما تقدم في الحديث، وأمر بمخالفتهم في اتخاذه عيداً، كما جاء في حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: "كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيداً". وفي رواية مسلم: "كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود وتتخذه عيداً". وفي رواية له أيضاً: "كان أهل خيبر (اليهود) يتخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فصوموه أنتم" (رواه البخاري). لكنه اسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية. وقال ابن الأثير في جامع الأصول: (شارتهم) الشارة: الرواء والمنظر والحسن والزينة.
    وظاهر هذا أن الباعث على الأمر بصومه: محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه؛ لأن يوم العيد لا يُصام.

    فضل صيام عاشوراء

    وردت أحاديث كثيرة في فضل يوم عاشوراء، منها:

    عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صيام يـوم عاشوراء: أحتسب على الله أن يكفر السنـة التي قبله" رواه مسلم، وعن عبيد الله بن أبي يزيد أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما وسئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: "ما علمت (أنَّ) رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهراً إلا هذا الشهر ــ يعني: رمــضان ـ" (أخرجه البخــاري)

    يوم عاشوراء غرق فرعون نجاة موسى عائشة راضي الله عنها مصر وناسها