مومياوات وكباش ومتاحف وترميمات.. إبراز الهوية المصرية
حرر مصروناسها مصر وناسهالسنوات طويلة ظلت المنطقة المحيطة بسور مجرى العيون تشكل أزمة حقيقية، إذ كان التعدى على حرم الأثر وتشويهه مباحًا من جانب الكثيرين، إلى أن تنبهت الحكومة فى السنوات الأخيرة لضرورة تطوير الموقع الأثرى وتبنت خطة لتطوير الموقع بشكل عاجل؛ نُقلت المدابغ إلى منقطة الروبيكى فى مدينة بدر.
بينما ندخل عامًا جديدًا، فإننا إذ نظرنا إلى العام المنصرم، سنتذكره بوجود الآثار فى موقع اهتمام، وقد تجلى ذلك بسبب حرص الدولة على إبراز الهوية المصرية.
اقرأ أيضاً
- السيسى يتبادل التهنئة مع ملوك ورؤساء دول العالم ببدء العام الجديد
- خطف «بلوجر» شهير تعثر في سداد ربع مليون جنيه«فدية»لإطلاق سراحة
- نجم الزمالك يتمسك بالرحيل عن الزمالك في يناير
- مدرسة طارق بن زياد التجريبية بالشيخ زايد تحتفل بالكريسماس على طريقتها الخاصة شاهد ماذا فعلوا!
- بعصا خشبية.. الأمن يكشف ملابسات لضرب شاب طفلان داخل «تاكسي»
- بعد قصة حب مشتعلة.. هكذا أعلنت ندى الكامل إنفصالها عن أحمد الفيشاوي
- زلزال بقوة 5.9 بجزيرة كريت اليونانية.. وتأثيره في القاهرة
- هل تهدد زلازل جزيرة كريت المتكررة مصر؟ مفاجأة غير متوقعة
- شيخ الأزهر يرد على تحريم تهنئة المسيحين في الأعياد
- رد مفاجئ من إلهام شاهين بشأن سبب تكريمها عدة مرات في 2021
- بالفيديو.. إلهام شاهين :اللي رافضة الاحضان والبوس تقعد في البيت أحسن كفاية جهل
- أول رد من الرئيس السيسي علي شكاوى ارتفاع فواتير الكهرباء
وهو ما انعكس بإنشاء مواقع أثرية جديدة، مثل متحف العواصم فى العاصمة الإدارية الجديدة، قبل افتتاحها. وذلك دون تجاهل عمليات ترميم الآثار، أو استمرار العمل بوتيرة متسارعة فى مشاريع مؤجلة مثل متحف الحضارة، أو متعثرة مثل مسار العائلة المقدسة الذى يعود تاريخ فكرة تأسيسه لأوائل القرن الماضي، لكن حركة نشطة دبت فى هذاالمسار وغيره من أعمال الآثار، ونتوقع استمرارها فى العام الجديد.
الطريق الجميل أو طريق الكباش
بعد الترميم، وإقامة احتفالية مهيبة حضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، عاد طريق الكباش لجماله الذى كان عليه قبل نحو ٣٥٠٠ عام، حينما وصفه نقش تذكارى على لسان مشيده الملك نختنبو الأول، مؤسس الأسرة الثلاثين : «لقد أنشأت طريقًا جميلًا لأبى آمون رع محاطًا بالأسوار ومزينًا بالزهور ليبحر فيه إلى معبد الاقصر».
يضم الطريق ١٠٥٧ تمثالًا على هيئة جسم أسد ورأس كبش، ويربط بين معبدى الكرنك والأقصر فى جنوب مصر، ويبلغ طول الطريق 2.7 كيلومتر. ملامح هذا الطريق اكتُشف فى ١٩٤٩.
ثم توقفت أعمال التنقيب لعقود، ومع مطلع الألفية الثانية دبّ النشاط فى عملية التنقيب عن تماثيله، ليتوقف فى ٢٠١١ مرة أخرى، واستُكملت الأعمال فى ٢٠١٧، حتى صار مهيئا للافتتاح.
نشاط بعد عقود من الخمول
ظل مشروع إنشاء متحف قومى للحضارة المصرية بالفسطاط مطروحًا لأربعة عقود دون تنفيذ على أرض الواقع، إذ كانت وتيرة العمل بطيئة للغاية، بسبب عدم توفر الإمكانيات المالية، وكذلك تغير سعر العملة أكثر من مرة لسنوات، وبالتالى تغيرت أسعار التعاقدات التى كانت قائمة بسبب طول الفترة، وارتفعت سعر الخامات، وفى ٢٠١٧ افتُتحت قاعة العرض المؤقتة، إلى أن افتتح السيسى القاعة الرئيسية، وقاعة المومياوات الملكية، فى مطلع العام الحالي، بتكلفة قدرت بنحو مليارى جنيه.
وقد جرى إعداد حفل فريد تابعته كافة وسائل الإعلام العالمية، تمهيدًا للموكب الملكى الذى ضم ٢٢ مومياء لأشهر الملوك والملكات، والتى نُقلت من المتحف المصرى بالتحرير إلى مستقرهم الأخير بالمتحف القومى للحضارة إذ جرى استقبالهم استقبالًا عسكريًا، وقد شملت أعمال التطوير رفع كفاءة جميع الشوارع على خط السير، وتطوير ميدان التحرير بوضع مسلة بميدان التحرير كانت مقسمة على ثلاثة أجزاء رُممت ورُكبت ، وكذلك ترميم ووضع أربعة كباش كانت موجودة خلف الصرح الأول بمعبد آمون رع بمعابد الكرنك بمدينة الأقصر.
ولعل أحد أسباب تفرد متحف الحضارة هو احتواؤه على قطع أثرية نادرة تحكى تطور الحضارة المصرية على مرّ العصور.
يبدأ سيناريو العرض من يمين القاعة بدءًا من عصور ما قبل التاريخ وصولًا إلى عصر الأسرات، وبعد ذلك يصل بنا السيناريو إلى العصر اليونانى الروماني، ثم ينتقل إلى الجهة اليسرى من القاعة والتى تبدأ بالعصر المسيحي، ثم الإسلامي، مع عرض بعض القطع الأثرية اليهودية، وبعد ذلك يأخذنا إلى حقبة محمد على باشا وأولاده، ثم عهد الجمهورية، وفى نهاية الرحلة يصل بنا إلى إبداعات مختلفة فى الفن المعاصر والنحت تحت قبة الإمام الشافعى .
فى أبريل الماضي، أعلن الدكتور خالد العنانى انتهاء هذا المشروع الضخم والذى استمر قرابة الخمس سنوات بتكلفة مقدارها أكثر من ٢٢ مليون جنيه، بعد أن ضرب الإهمال لسنوات قبة الضريح التى تُعد أحد أهم الآثار الإسلامية فى مصر، وواحدة من أشهر القباب الضريحية، إذ إن مبنى القبة يتضمن أمثلة نادرة للزخارف الجصية والأعمال الخشبية المزخرفة وتكوينات بديعة من الخشب الملون بأنماط مميزة، وأثناء أعمال مشروع ترميم القبة تم العثور فى الأرضية على بقايا جدران قبة فاطمية لم تُذكر من قبل فى المصادر التاريخية وأشرطة كتابية خلف عناصر معمارية أحدث بالإضافة إلى عناصر زخرفية مستترة خلف طبقات من الطلاء الحديث.
المتحف المصرى الكبير
مشروع المتحف المصرى الكبير المؤجل من قبل ٢٠١١، ينتظر تحسن الحالة الصحية عالميًا ليُفتتح، وفقًا لتصريح لوزير السياحة والآثار د. خالد عنانى الذى قال إن موعد الافتتاح لن يكون مرتبطًا بمصر لكنه سيكون مرتبطًا باختيار توقيت مناسب لجميع الدول وفق الأوضاع الصحية المرتبطة بضوابط الوقاية من فيروس كورونا.
وفى حال تحديد الموعد، سيكون افتتاح المتحف المصرى الكبير هو الحدث الأهم الذى ينتظره الجميع، فبعد سنوات من طرح فكرة المشروع فى عهد الرئيس الراحل حسنى مبارك، توقف المشروع لسنوات إلى أن جاء الرئيس عبد الفتاح السيسى وقرر استكماله، والذى من المفترض أن يتم الانتهاء منه خلال العام الحالي.
ومن المقرر أن يضم المتحف أكثر من مائة ألف قطعة أثرية، وخلال الوقت الحالى تم إنجاز حوالى ٩٩% من إجمالى حجم الأعمال الهندسية، حيث تم الانتهاء من الهيكل الخرسانى والمعدنى لمبانيه وأعمال التشطيبات الداخلية، و٩٨% من أعمال أرضيات الساحات الخارجية والزراعات، و ٩٦% من أعمال أنظمة الإلكتروميكانيك، و٩٢% من أعمال الطرق الخارجية المحيطة بالمشروع، ٩٩.٨% من واجهات المتحف ومن قاعات الملك توت عنخ آمون. كما تم نقل وترميم أكثر من ٥٥ ألف قطعة أثرية إلى المتحف، بجانب توقيع التعاقد مع تحالف «حسن علام» لتقديم وتشغيل الخدمات بالمتحف، كما تم الانتهاء من تثبيت ١٠٠% من القطع الثقيلة بالبهو والدرج العظيم.
والانتهاء من عرض أكثر من ٦٥% من مجموعة الملك توت عنخ آمون بفتارين العرض بعد تثبيت ١٠٠% من الفتارين. وبجانب ذلك نُقل مركب خوفو الأولى من منطقة الأهرامات الأثرية إلى المتحف المصرى الكبير.
متحف العواصم
تزامنًا مع إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، فإن متحفًا ينتظر زوار تلك العاصمة الجديدة ما أن تُفتتح حيث سيروى هذا المتحف الجديد للزوار تاريخ العواصم المصرية على مدار التاريخ، إذ يقع على مساحة ٨٥٠٠ متر مربع.
يتقدم المتحف، مسلة للملك رمسيس الثانى والمكتشفة بصان الحجر بمحافظة الشرقية، والتى تعود للقرن الثانى عشر قبل الميلاد، ومن المنتظر أن يعرض المتحف نحو ألف قطعة أثرية من مختلف العصور.
ووفقًا لسيناريو العرض المتحفى المقرر له، فإن قاعته الرئيسية تعرض آثارًا لعدد من عواصم مصر القديمة والحديثة يبلغ عددها تسع عواصم.
يمين زائر تلك القاعة توجد آثار أربع عواصم؛ منف، طيبة، تل العمارنة، الإسكندرية، وعلى يساره آثار أربعة أخرى؛ الفسطاط، القاهرة الفاطمية، مصر الحديثة، القاهرة الخديوية. أما المستوى الثانى فمخصص للعاصمة الجديدة، ويضم مقتنيات من حقب تاريخية مختلفة تعرض أدوات الزينة والحرب ونُظم الحكم والمكاتب المختلفة فى كل عاصمة من العواصم الثماني، ويشرف على هذا المستوى تمثال الملك رمسيس الثانى الذى سيُعرض بالمتحف.
تطوير القاهرة التاريخية
من المتوقع أن نرى القاهرة التاريخية فى طور جديد مع إعلان رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أن كيانًا واحدًا سيشرف على تطوير تلك المنطقة وفق رؤية تعمل على إحياء المدينة التاريخية، عبر الحفاظ على النسيج العمراني، مع ترميم المبانى الأثرية، بالإضافة إلى النسيج الاجتماعى الخاص بها، فضلًا عن مراعاة الحرف التقليدية المرتبطة بها كمنطقة الصاغة والنحاسين، وكذلك الخيامية.
حسب المعلن، فإن المشروع يبدأ من منطقتى الجمالية وساحة مسجد الحسين والغورية، فضلًا عن محيط مسجد الحاكم.
وقد أوضحت الحكومة أن التطوير يركز على ضرورة إعادة التأهيل والإحياء العمرانى وفق المعايير والاتفاقيات الدولية التى وقعتها مصر، مع مراعاة إعادة الاستخدام التكيفى للمبانى الأثرية، وكذلك ترميم المبانى التراثية غير المسجلة، وإزالة التشوهات الصارخة فى الطابع المعماري.
سور مجرى العيون
لسنوات طويلة ظلت المنطقة المحيطة بسور مجرى العيون تشكل أزمة حقيقية، إذ كان التعدى على حرم الأثر وتشويهه مباحًا من جانب الكثيرين، إلى أن تنبهت الحكومة فى السنوات الأخيرة لضرورة تطوير الموقع الأثرى وتبنت خطة لتطوير الموقع بشكل عاجل؛ نُقلت المدابغ إلى منقطة الروبيكى فى مدينة بدر.
يهدف مشروع التطوير إلى التعامل مع الموقع فى إطاره التاريخى واستغلال المناطق الأثرية التى تمت إزالتها من خلال ربطها بحُقب القاهرة المتعاقبة زمنيًا ومكانيًا، ويركز هذا المحور على إبراز خواص القاهرة التاريخية من خلال الأنشطة السياحية والتجارية والحرفية.
لذلك فإنه جار إعداد المنطقة لتضم مركزًا لإعداد وتدريب الحرفيين وكذلك إقامة ورش للمجموعات الرئيسية من الحرف اليدوية وتشمل الحرف المعتمدة على جريد النخيل والخزف والسجاد، كذلك سيتم تقديم الدعم اللازم للحرفيين، بالإضافة إلى أنه وفقًا للمخطط فسيضم الموقع ثلاثة فنادق وفقًا لعمارة المكان وذلك لخدمته سياحيًا.
مسار العائلة المقدسة
يمتد المسار التاريخى للسيدة مريم ونجلها النبى عيسى فى مصر، المعروف بمسار العائلة المقدسة، فى ثمانى محافظات من شمال سيناء إلى أسيوط، ومشروع تطوير ذلك المسار رأى النور، مؤخرًا، مع تخصيص مبلغ ٦٠ مليون جنيه لتنفيذ البنية التحتية الخاصة به، وقد افتُتحت أولى نقاط المسار فى المحافظات الثماني؛ بمدينة سمنود مطلع العام الحالى.
وهى كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبانوب بتكلفة مقدارها 7.5 مليون جنيه، ويجرى حاليًا إعداد باقى المواقع الأثرية التى يضمها مسار رحلة العائلة المقدسة وهى ٢٥ نقطة تمتد لمسافة ٣٥٠٠كيلومتر ذهابًا وعودة من سيناء حتى أسيوط، إذ يحوى كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار فى صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة، والعمل جار حاليًا فى منطقة شجرة مريم بالمطرية تمهيدًا لافتتاحها قريبًا، بحسب تصريحات وزير الآثار والسياحة مؤخرًا.
مشروع تطوير المسار تعود فكرته إلى أوائل القرن الماضي، لكن الخطوات الجادة فيه لم تبدأ إلا مؤخرًا، وبحسب تصريح سابق للدكتور أحمد النمر، المسئول عن ملف العائلة المقدسة بوزارة السياحة والآثار، لأخبار الأدب، فإن «النقاط الـ٢٥ لا تضم إلا ٨ مواقع أثرية مسجلة فقط، وهى تل الفرما بشمال سيناء، وتل باسطة بالزقازيق، وكنيسة العذراء والشهيد أبانوب بسمنود، وأديرة وادى النطرون، وكذلك شجرة مريم بحى المطرية وكنيسة أبو سرجة بمصر القديمة، وجبل الطير بالمنيا.
وأخيرًا دير المحرق بأسيوط، وبخلاف ذلك فهى مواقع تراث لكنها غير مسجلة، لذلك نسقت وزارة الآثار مع الكنيسة وقاموا بترميم المواقع الأثرية، إذ بات هناك تنسيق مع التنمية المحلية والمحافظات ومع لجان عليا مختصة، لتأهيل البنية التحتية لهذه المواقع وتأهيلها، فى الـ٢٥ نقطة التى تم وضعها ضمن مسار العائلة المقدسة، وبدأنا بتجهيز الطرق والخدمات حول هذه الأماكن، … وهذا سيساعدنا فى المستقبل على فكرة الطرح الاستثمارى لمحيط الأثر لخلق فرص استثماري».
وفى ختام هذا الحصاد، لا يمكننا تجاهل القطع الأثرية المستردة فقد شهد هذا العام استرداد ٥٢٦٦ قطعة أثرية من عدد من الدول الأجنبية هي: الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا وإسرائيل وسويسرا وبلجيكا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا، النسبة العظمى منها أُعيدت من أمريكا؛ خمسة آلاف قطعة أثرية تضم مخطوطات وقطعاً من البردى وأقنعة جنائزية وأجزاء من توابيت ورؤوس تماثيل.
وقد استُردت 95 قطعة أثرية من إسرائيل عبارة عن موائد قرابين وتماثيل من البرونز للآلهة وجزء من تابوت خشبى وبعض تماثيل الأوشابتى وقطعتين من ورق البردي، بجانب استرداد تمثالين من التراكوتا (طين محروق) من العصور اليونانية والرومانية من إيطاليا.
كمشاهد هذا العام أيضًا سفر الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إلى باريس برفقة النائب العام والمشرف العام على إدارة الآثار المستردة بالمجلس الأعلى للآثار لاسترداد 115 قطعة أثرية، فضلًا عن تمثالين أثريين من الحجر أُعيدا من بلجيكا، ومن إسبانيا عادت إلى مصر بعض الأوانى من الألباستر منها أوان كانوبية، وتماثيل خشبية ورءوس تماثيل من الجرانيت.