تعرف على تاريخ حلوان (ضاحية القصور والسرايات)
كتب مجدي درويش مصر وناسهايعود تاريخ حلوان الى ٥٢٠٠ عاماً أي ما قبل تاريخ الأسرات الفرعونية حيث وجدت موميات وبقايا بيوت تؤكد سكني المصريين القدماء للمكان. وقد وجدت في منطقة عزبة الوالدة 10258 مقبرة كبيرة وصغيرة تخص الامراء وكبار الموظفين وعدد من عامة الناس ويرجع تاريخها الى الاسرة الاولى والثانية الفرعونية.
وقد بني جنوب حلوان ب ١١ كيلومتر شرق التبين وجنوب مدينة ١٥ مايو الحالية أول سد مائي في التاريخ وقد سُمي بسد وادي جراوي ثم سُمي بسد الكفرة(الوثنيين) في عصور لاحقة.. ووجدت ايضا بعض الاثار البطلمية.
كما سكن المكان ايضا فى أوائل العهد المسيحي بعض الرهبان ووجد بها كنائس واديرة تؤكد ذلك.
بعد دخول العرب مصر صُممت حلوان فى ولاية مروان بن عبد العزيز 684-705 م على نهر النيل مباشرة (المكان الحالي لحلوان البلد) وبعد ان انتشر الطاعون فى الفسطاط خرج الكثيرين وخصوصاً الأعيان هربا من المرض اللعين الى حلوان وبعض المؤرخين يعتقدون أن عمرو بن العاص أقام فى حلوان مقياسا للنيل .
على مدى العصر الاسلامي تم ذكر حلوان فى عدة عهود الى ان تم حرق حلوان فى العصر العثماني على يد شيخ البلد ابراهيم بك قازدوغلي (وهو منصب عثماني يساوي حاكم القاهرة) لخلاف حدث بينه وبين سكان حلوان وقتها.
تعود حلوان لتظهر فى تاريخ مصر الحديث أيام الخديو عباس حلمي الأول حينما يتم بالصدفة البحتة اعادة اكتشاف عيون حلوان الكبريتية والتي استخدمت فى علاج الجنود من الأمراض الجلدية التى انتشرت فى الجيش وقتها وبنى الخديو عباس حلمي الأول حماما كبريتيا بغرض الاستشفاء.
أما الإنطلاقة الحقيقية لضاحية حلوان الحديثة فهي فى عهد الخديو اسماعيل حين شيد مدينه حلوان الحمامات وأصبح لها شهرة عالمية كمكان للاستشفاء والاستجمام لنقاء وجفاف هواءها ولعيونها الكبريتية.
وفى سنه 1868 كلف الخديو اسماعيل محمود باشا الفلكي لعمل الاستكشافات اللازمة للمكان كما أسند للدكتور رايل بك طبيبه الخاص النمساوي الإشراف الطبي علي كل العيون الكبريتية.
شجع الخديو اسماعيل سكنى حلوان ووزع الاراضى كهبات لأفراد من الاعيان والباشوات والبكوات والأجانب وأنشأ سراي لوالدته خوشيار هانم (الوالدة باشا) عام ولزوج ابنته منصور باشا يكن أمام الحمامات مباشرة (كابريتاچ حلوان) وأطلق اسمه علي الشارع الرئيسي في حلوان ولتيسير الانتقال من القاهره الى حلوان اصدر فرمانا بانشاء سكه حديد حلوان سنه 1870 وتم الانتهاء منه تماماً تجارياً سنة 1877.. وكان خط حلوان بدأ كقطار بخاري قبل أن يصبح بعد ذلك مترو كهربائي وكان سبباً لإنشاء ضاحية المعادي حيث كانت حلوان وطرة والمعصرة هم الأقدم وفي واقع الأمر لم يبدأ خط حلوان بالشكل الذي نعرفه اليوم إلا في عام 1873 تم مد هذا الخط من القلعة إلى حلوان وتم الإنتهاء منه في عام 1875 وقام الجيش بتلك المهمة. لم يكن هذا الخط في بادئ الأمر سوى خط يخدم الأغراض الصناعية للجيش وانشأـت السلطات الحربية حينئذ محطات الجبخانة والبساتين والمعادي وطره والمعصره وحلوان.ولكن في عام 1877 بدأ الاستغلال التجاري لهذا الخط بتسيير قطارين للركاب الأول كان من محطة القلعة بالقرب من سوق الإمام الشافعي حاليا وحلوان والثاني بين محطة مصر وحلوان عن طريق العباسية. وألغى الخط الأخير لضعف الجدوى الاقتصادية منه ثم تحول الخط ليبدأ من حلوان إلي محطة باب اللوق وهي المحطة التالية بعد السيدة زينب ثم ألغيت محطة باب اللوق تماما بعد بدء مترو الأنفاق في الثمانينات.. وفي البداية كانت العربات تتكون من صالونات كل صالون من كنبتين مواجهتين لبعضهما البعض ومغلق علي الصالون بباب يفصله عن بقية الصالونات والقطار.
وكان قصر خوشيار هانم (الوالدة باشا) أم الخديو اسماعيل قد تم بنائه قصر الوالدة سنة 1873م -1877 شمال حلوان (عزبة الوالدة الآن) وقد كان هذا القصر من أعظم المباني الفخمة التي لم يبني مثلها ,فكان يتكون من عدد 366 حجرة وفي حديقته أندر الأشجار وقد هدمه الملك فاروق سنة 1943م عندما طلب منه الإنجليز استخدامه مستشفي للجنود وأقام مكانها ملاعب للتنس.
وبلغت حلوان قمة ازدهارها فى عهد الخديو توفيق الذى شيد لزوجته الأميرة أمينة هانم ابنة إبراهيم إلهامي سراى عام 1886 ووهب الخديو للأمراء والباشوات والبكوات والعديد من الأجانب والمصريين مساحات من الأراضى لتشييد القصور والسرايات والمنازل وأنشأ أماكن للتنزه وفنادق وملاعب للتنس وملاعب للجولف.
وقد شهدت سراى أمينة هانم زوجة الخديو توفيق أحداثاً هامة فقد اهتم الخديو توفيق كثيرا بمدينة حلوان وكان يذهب إليها مرتين كل شهر وأمر فرقة الموسيقى الخديوية بالانتقال إليها كل يوم جمعة للعزف بها والترفيه عن السكان ولعل من أهم الأحداث التى شهدتها هذه السراى هو انتقال الخديو توفيق إليها وإتخاذها مقرا للحكم خاصة بعد احتراق سراى عابدين فى 23 يوليو 1891ومكث الخديوى بها فصل الشتاء من هذا العام لحين الانتهاء من ترميم سراى عابدين وقد شهدت السراى وفاة الخديو توفيق بها وكان ذلك فى يناير 1892 وشهدت أيضاً زواج خديجة ابنة الخديو توفيق من عباس باشا ابن حليم باشا فى يناير 1895حيث انتقل موكب الزفاف من سراى القبة إلي سراى حلوان في شارع رايل امام شارع المراغي وقد أفل نجم هذه السراى تماما وفقدت بريقها حينما تحولت إلى مدرسة ثانوية للبنين سنة 1930ثم مدرسة ثانوية تجارية للبنين وقد تخربت مبانيها حاليا وتهدمت معظم أجزائها ولم يبق منها سوى المبنى الرئيسى واختفت حدائقها وأسوارها ومشغولاتها المعدنية كما اختفت اللوكاندة التى كانت ملحقة بها ويستخدم مبنى السراى والسلاملك الآن كمخزن لحفظ مخلفات المدرسة وفي الخرائط القديمة في حلوان مايدل علي أن القصر الكبير للخديو توفيق كان في شارع رايل مدرسة عاطف السادات وهذا قد يكون الأقرب للحقيقة.
كما بني الخديو توفيق فندق جراند اوتيل (الفندق الكبير) عام ١٨٨٨ الذي تحول إلي مدرسة حلوان الثانوية للبنات الآن.
وكانت أول مدرسة في حلوان هي مدرسة العائلة المقدسة التي بدأت فيها الدراسة عام ١٨٨٧ وأسسها الراهب الإيطالي كازيميرو جياكوميللي وهو تابع للأباء الكومبونيين (القديس دانيال كومبوني) وكان بها قسما داخلياً. وايضاً تأسست مدرسة حلوان الثانوية بنين شارع اسماعيل كامل غرب وكان جمال عبد الناصر طالباً فيها لمدة عاماً واحداً ١٩٢٩ قبل أن ينتقل مع أبيه الموظف بمصلحة البريد إلي الأسكندرية وقد تحولت مباني المدرسة إلي مبنيين هما مدرسة حلوان الثانوية الصناعية بنين ومدرسة الشروق التجريبية وتم انشاء مدرسة صلاح سالم الثانوية بنين عام ١٩٥٦ بشارع رايل.
أما عن سراى حيدر باشا وهي مازالت موجودة بجانب عمارات المروة فقد تقلد علي حيدر باشا العديد من المناصب منها منصب مدير القليوبية والدقهلية ثم عضواً بمجلس إستئناف الوجه البحري ثم وكيلاً لبيت المال ثم مديراً للبحيرة ثم مديراً لديوان الداخلية ثم ناظراً للمالية وكان ذلك في الفترة 1863 إلى 1878 وقد شيد سراى حلوان عام 1890وهى التى لا تزال قائمة إلى الآن وقد سمى الشارع الذى تقع فيه هذه السراى باسم حيدر باشا نسبة إلى صاحبها وهو الشارع الذى يلى شارع المحطة من الناحية الشرقيه وكان الخديوى توفيق منحه هذه الأرض بلا مقابل وهو مازال موجوداً ومهجوراً بين شارع حيدر شرقا وشارع المحطة غربا وشارع شريف شمالا وشارع مصطفي فهمي جنوبا.
كما تم بناء قصر الأميرة خديجة توفيق ابنه الخديو توفيق وأقامت الأميرة خديجة هانم بهذا القصر منذ بنائه 1895 – 1902 عند زفافها حتى قامت بإهـدائه إلى نظارة (وزارة) الصحة وتحول إلى مصحة للأمراض الصدرية ثم اتخذته رئاسة الحى بحلوان كمقراً لها.
أما فى عهد الخديو عباس حلمي التاني فأعاد بناء الحمامات مره أخرى وأنشا أستراحة له وأيضاً فندقا ضخما مجاورا لإستراحته وأسماه فندق الحياة ليقيم به زوار الضاحية من المصريين والاجانب.
وكان الملك فؤاد حول الفندق عام 1930 إلى مستشفى لمرضي السل والأمراض الصدرية ، واستخدمت استراحة الخديوي عباس حلمي الثاني كمقر إدارى لمستشفى حلوان للأمراض المستعصية، واستخدمت مباني الفندق والإستراحة الأخري كمعمل للتحاليل وقسم الأمراض الجلدية. ولكن بعد زلزال 1992، اضطرت وزارة الصحة إلى هدمه بعد انهيارات أجزاء منه.
وكان مرصد حلوان قد انشئ عام ١٩٠٣ والحديقة اليابانية عام ١٩١٧ والذي أنشأها ذو الفقار باشا.
كان أول جامع في حلون هو الجامع التوفيقي في شارع نوبار باشا (شارع احمد بك انسي الآن) عام ١٨٨٤ وحفر عليه عبارة "خديو مصر انشأ سبيلاً" الي الآن.
وفي نحت أخر حفر علي جدران مسجد الجلاد بشارع محمود خاطر "رُسم في عهد مولانا الملك فاروق الأول حفظه الله" وجاء مسجد الجلاد نموذج أخر للمساجد التي بنيت قديماً وأحتفظت بها حلوان حتي الآن.
وضع حجر الأساس لكنيسة السيدة العذراء عام ١٨٩٧ في عهد البابا كيرلس الخامس ولكن تم استكمال البناء في عام ١٩١٩ علي يد القمص ميخائيل المقاري بعد رجوعه من أثينا وتم استكمال مساحتها وبنائها بإنشاء مدرسة الرهبان عام ١٩٢٨ واول رئيس لها القمص ميخائيل مينا وكان البابا كيرلس السادس طالباً فيها ثم تحولت الي مدرسة للشمامسة حتي اغلقت تماما.. ولأن الأغلبية من سكان حلوان المسيحيين وقتها من الأجانب خاصة اليونانيين والايطاليين فقد انتشرت كنائس الروم الارثوذكس والروم الكاثوليك والانجيليين واللاتين.
وأيضا كان هناك معبد يهودي صغير في شارع البراديزو حالياً تمت ازالته تماماً (لم يتبقي منه إلا بضع ألواح من الرخام تم نقلهم إلي معهد تاريخي في ضواحي القدس) ومن تاريخ حلوان أيضاً أنه قد تم تأسيس مدرسة "تلمود توراه" لأطفال يهود حلوان بواسطة چوزيف وإستر ازولاي في احدي قصور حلوان.