هل فقد الرئيس اليمني شرعيته لدى اليمنيين؟
حررت آية شريف الكناني. مصر وناسهانشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا لمراسله في صنعاء، تحت عنوان "الدمية السعودية: اليمنيون يتساءلون عن شرعية رئيسهم".
ويشير التقرير،" إلى أن الرئيس عبد ربه هادي منصور كان قبل خمسة أعوام يستطيع الاعتماد على طيف واسع من الدعم السياسي في البلد، فقد سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014 دون إطلاق ولا رصاصة واحدة، لافتا إلى أن هادي أجبر في كانون الثاني/ يناير 2015 على الاستقالة، لكنه تراجع بعد شهر.
ويقول الموقع إن الجنرال السابق، الذي بقي في الظل بصفته نائبا للرئيس، كان يحظى بدعم عدد من القوى التي اتحدت معا لاستعادة العاصمة من الجماعة المتمردة، إلا أن هذا الدعم للرئيس البالغ من العمر 74 عاما تلاشى وبات النقد ينهال عليه من الأطراف كلها.
ويورد التقرير نقلاً عن البعض، قوله إن هادي يقوم سرا بالتحالف مع حزب الإصلاح، الذي ينظر إليه على أنه فرع للإخوان المسلمين في اليمن، فيما يصفه آخرون بالدمية السعودية؛ نظرا لعمل الحكومة من المنفى السعودي في الرياض ومنذ 2015.
وينقل الموقع عن الناشطة الحائزة على جائزة نوبل عام 2011، توكل كرمان، قولها في بداية الشهر الحالي، إن هادي لم تعد له شرعية، وأضافت: "هادي في أفضل حالاته عاجز ومعتقل، ما يجعله غير مسؤول، وقراراته غير ملزمة لليمنيين طالما ظل عاجزا وحريته مقيدة".
ويجد التقرير أنه مع أن تراجع شعبية هادي ليست مفاجئة في البلد الذي يعاني من حرب أهلية قتل فيها أكثر من 100 ألف شخص، ويعيش فيها غالبية السكان في حالة فقر، فإن حالة الضعف التي يعانيها مهمة، ولها آثار على الحرب المستمرة، فالقوات التابعة له تعاني من حالة ضعف وتتقاتل فيما بينها بدلا من العمل معا لمواجهة الحوثيين، وهذا يعني استمرار الحرب لوقت طويل.
ويذكر التقرير أنه في عام 1990 اتفق قادة الجنوب أو ما عرف باسم جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية، وبقيادة علي سالم البيض، على توحيدها مع الشمال بزعامة علي عبد الله صالح، وأصبح الأخير رئيسا ونائبه البيض حتى عام 1994 عندما قامت قوات صالح بقمع محاولة من نائبه للسيطرة على الجنوب، مشيرا إلى أنه تم تعيين هادي نائبا بدلا من البيض، وظل حتى عام 2012 بعد إجبار صالح على الاستقالة.
ويفيد الموقع بأن هادي لم يكن معروفا لدى اليمنيين، وأطلق عليه "السيدة صالح" نظرا لعيشه سنوات في ظل الرئيس السابق، وأصبح رئيسا بالإنابة، وانتخب لاحقا في استفتاء، وكان من المفترض أن يسلم السلطة بعد عامين لكنه لا يزال حتى الآن رئيسا.
وينوه التقرير إلى أن مصاعب هادي بدأت في عام 2017 عندما ظهرت الانقسامات بين القوات الموالية له وتلك الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي التي تدعمها الإمارات، واتهم المجلس الجنوبي هادي بالخضوع لحزب الإصلاح، الذي لا تزال القوات الجنوبية غاضبة منه لدعمه صالح عام 1994 في حربه ضد البيض، مشيرا إلى أنه نظرا للاتهام بتعاونه مع الإصلاح فإن القوات الجنوبية تتهم هادي بالخيانة.
ويورد الموقع نقلا عن أحد أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي، ويدعى عمر محمود، من مدينة عدن، قوله: "قاتلنا مع هادي في الجنوب والشمال، وحررنا المناطق من الحوثيين، واعتقدنا أنه رجل المرحلة ويستطيع قيادة البلد.. وجدنا أن هادي لا يمكن أن يكون زعيما للبلد؛ لأنه يقوم بتطبيق أجندة الإخوان المسلمين في اليمن، ولا يستمع لمطالب الجنوبيين"، مشيرا إلى أن الكثير من الجنوبيين فقدوا الثقة بهادي بعد المعارك التي اندلعت بين قواته والمقاتلين الجنوبيين العام الماضي.
ويشير التقرير إلى أن الأمر لا يقتصر على الجنوبيين فحسب، بل على الأحزاب السياسية اليمنية الأخرى التي تخلت عن دعمها له، فمنذ مقتل صالح عام 2017 انقسمت الأحزاب السياسية اليمنية بين مؤيد لطارق صالح، ابن أخ صالح، وتلك المؤيدة للحوثيين.
ويستدرك الموقع بأنه رغم عدم توفر استطلاع شامل، إلا أن استطلاعا غير رسمي لـ"ميدل إيست آي" كشف عن أن معظم الأحزاب اليمنية ضده الآن.
وينقل التقرير عن زعيم الحزب الوحدوي الناصري، الذي يعارض حزب الإصلاح وحاربه في تعز العام الماضي، أحمد العزازي، قوله: "لقد انتخبنا هادي في عام 2012 رئيسا لعامين فقط، لكن الحوثيين سيطروا على صنعاء ودعمنا استمراره، وكانت الأحزاب المعادية للحوثيين كلها معه في 2015، لكنه خان اليمنيين عندما أصبح خادما للسعودية"، مشيرا إلى أن هادي ومعظم حكومته يعيشون في السعودية ولا يزورون اليمن إلا نادرا خوفا على حياتهم وأمنهم.
ويقول الموقع إنه لا توجد فرصة لعودتهم إلى صنعاء بعدما أصدرت محكمة حوثية في بداية هذا العام حكما بالإعدام على هادي ومسؤولين بارزين في الحكومة واتهمتهم بالخيانة العظمى.
وقال العزازي للموقع: "هادي ليس رئيسا بل دمية في يد السعوديين.. ونحن اليمنيون يجب علينا رفض هادي حالا"، وأضاف أن معظم سكان تعز هم ضد هادي؛ لأنه سمح للتحالف الذي تقوده السعودية بتدمير اليمن، خاصة تعز، "أعطى هادي السعودية الضوء الأخضر لتدمير اليمن، ولا يمكنه قول لا لأنه في السعودية.. لن احترم هادي إلا إذا عاد إلى اليمن وقاد المعارك ضد الحوثيين وإلا فإنه سيبقى دمية".
ويفيد التقرير بأن مقاتلي المجلس الجنوبي وسكان تعز والقبائل في مأرب التي يدعمها حزب الإصلاح يواجهون في الوقت الحالي الحوثيين، مشيرا إلى أنه خلافا للوضع السابق فإن من يقاتلون على الجبهات يقاتلون من أجل الوطن، وليس هادي، كما يقول العزازي.
ويورد الموقع نقلا عن العزازي، قوله إن القوات الموالية لهادي انسحبت من محافظة الجوف في شمال اليمن، تاركة القبائل يقاتلون وحدهم، وسيطر الحوثيون لاحقا عليها، وأضاف العزازي: "خان هادي والتحالف السعودي اليمنيين أكثر من مرة، وآخرها في الجوف، ولهذا لا يثق بهم اليمنيون".
وينقل الموقع عن مصدر من الإصلاح، رفض الكشف عن هويته، قوله: "صحيح أن التحالف السعودي خان اليمنيين أكثر من مرة لكن هادي لا علاقة له بذلك.. لا أحد ينكر أن القرارات تتخذها السعودية ليس هادي، وهذا لا يعني أن هادي عدو بل هو في ورطة".
وأضاف المصدر أن هادي طلب دعم السعوديين عام 2015 لكنهم خانوه وظل متورطا، وأشار إلى أن هادي قد يكون "دمية"، لكن حزب الإصلاح مستمر في دعمه نظرا لشرعيته، وإن كانت قاصرة، وقال: "الفوضى هي البديل، ولن يتفق اليمنيون على شخص آخر".
ويورد التقرير نقلا عن رئيس مركز المدار للدراسات الاستراتيجية في عدن، المحلل فاضل الربيعي، قوله إن معظم الأحزاب دعمت هادي في عام 2015، مشيرا إلى أن الكثير من القوى دعمت الحكومة الشرعية، وقاتلت جنبا إلى جنب وقدمت التضحيات، لكن القوى توقفت عن قتال الحوثيين، وركزت اهتمامها على المجلس الجنوبي الانتقالي.
وأضاف الربيعي: "أعتقد أن هناك خللا واضحا في شرعية الحكومة برز خلال السنوات الخمس الماضية.. وهو ما ترك أثره على الناس الذين بدأوا يلاحظون أن سلطة هادي انهارت، وأصبح الرئيس مشكلة كبيرة للحل السياسي"، وتابع قائلا: "أصبحت القوى الأخرى تفكر في طريقة مختلفة، وبأن هادي ليس قادرا على الوفاء بالتزاماته، وأنه استسلم للقوى السياسية منذ البداية".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن الربيعي اتهم حزب الإصلاح باختطاف مكتب الرئيس والسيطرة على قراراته، وقال: "القرارات ليست في يد هادي، لكنها في أيدي الإخوان المسلمين، ويستخدمون هادي مظلة".