التباعد الأسري
كتب مجدي درويش مصر وناسهافقد لاحظت في الآونة الأخيرة كم من أسر تمزق نسيجها وتهلهل وشاحها وأصبحت في مهب الريح عارية من الإطمئنان يعتريها الخوف وعدم الثقة وإنفلات القيم والمباديء حيث إن أكثر العلاقات الأسرية أصابها الوهن
وأنواع مختلفة من المفردات مثل الإهمال والفتور والتراخي وكل منهم في وادٍ ، فالأب الذي يُعتبر عمود البيت والركيزة الأساسية للأمن والأمان منشغل بحياته ونشاطاته وعمله الخاص الذي في أكثر من الأحيان يرفض أن يشاركه أحد في إ هتمامته وطموحه ومشاكله إما أن يأتي إلي البيت ليأخذ قسط وفير من الراحة أو يستعد للخروج لمقابلة رفاقه أو إدمان مواقع التواصل الإجتماعي
أو أب كادح متغرب يجري وراء لقمة العيش التي عز عليه وجودها في بلده ليقضي بقية حياته في تلك الغربة التي كل يوم يتناقص رصيده عند الأبناء وزوجته ويزيد أرصدته في البنوك يبني ديار ..ويشتري أراضي ما هو إلا بنك يرسل متطلبات الأسرة وفي ذلك الوقت فقد ارتباطه بعائلته فهو قليل التواصل معهم حيث يفر منهم هارباً من مشاكلهم التي قد تؤرق هدؤه ومزاجه متعللاً كم يلاقي من متاعب الحياة فيحدث بالتبعية انهيار كيان هذا الأب رويداً رويداً وهذا يكون واضح رؤية النجم في العتمة حينما تنتهي إقامته ويعاود الي بيته يجد الفتور ..والمشكلات يجد أن أولاده كبروا فجأة ولا يستطيع السيطرة عليهم ولا أن يُلقي عليهم الأوامر فيبتعد أكثر وأكثر ويفضل الوحدة ولا سيما الزوجة التي تشعر انه أصبح هذا الشخص الغير المرغوب فيه لإن في ذاك الوقت كانت هي الأب والأم في وقت غيابه والتي تفني جسدها في خدمة الأبناء من مشقة واجتهاد بين أعمال المنزل اللامتناهية والإهتمام بشئون الأبناء ومشاكلهم ودراستهم إلى أن تنتهي طاقتها في نهاية اليوم وتلقي بجسدها المنهك في آخر اليوم على الفراش في نوم عميق لتبدأ يوم جديد بمسئوليات جديدة ومشاكل جديدة من الصباح الباكر وقد تزيد الطين بلة إذا كانت إمرأة عاملة
* نأتي إلي الأبناء في تلك الدائرة المفرغة الذين تتخبط أقدامهم تائهين في دراستهم وتتدني مستواهم الدراسي وعدم الإكتراث بالتفوق أو الرسوب فيتواصلوا مع الأصدقاء وقد تكون علاقات مذمومة ويتعلموا أشياء بذيئة كالتدخين والإدمان بأنواعه (والتغلغل في مواقع النت الكثيرة من مواقع اباحية أو مواقع عنكبوتية تغير أفكاره ومعتقداته وبذلك يفقد النسيج تمسكه في تلك الأسرة ومنها الحوار المتبادل والإحترام والقدوة والألفة بين أفرادها وبالتالي نخلق مجتمع يفتقر إلى الإلتحام والترابط علاقات رخوة
* لن أتطرق لأسباب هذا التمزق والتباعد الأسري ولكن أحاول أن آتي بحلول
_
* تواجد الأب بشكل فعلي ومؤثر وليس بشكل رمزي
* مساعدة كل من الأب والأم بمراعاة تلك الأسرة وقراءة كثيراً عن كيفية تربية الأطفال لتخطي عقبات كل مرحلة سنية فلا تربوا أولادكم كما تربيتم حتى لا يحدث فجوة بين أفكاركم وأفكارهم
_* عدم تصارع كل من الأب والأم لأخذ إحداهما مهام الأخر ليلغي شخصية الطرف الأخر او ما يسمى (بصراع الأدوار)
*_التفرغ للأبناء بعدم الإفراط باستخدام وسائل الاتصال المجتمعي الحديث
*_عدم اعتماد الأم في دورها على المربية لتحل محلها أما بالنسبة للأم الكادحة تحاول أن توزع الأدوار علي الأبناء لمساعدتها مذ الصغر
*_ التفكير ملياً في موضوع الإنفصال إذا استحالت الحياة وما يترتب عليه من نزاعات للأولاد وأفكارهم وفقدان الهيبة لكل من الوالدين
**فيجب قبل اتخاذ القرار في هذا الأمر أن يُنظر كل منهما إلي الجانب المضيء في شخصية كل منهما وليس المظلم والحوار الهادف للبناء وليس الهدف وتوجيه الإتهامات مما يشعل فتيل فكرة الإنفصال فيجب علاج المشكلة لإستئصال الورم الخبيث بالعلاقة حتى لا يؤدي إلى خيانة كل منهما للآخر واذا استحالت الحياة وفقد كل منهما مصداقيته (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )
_*تخصيص وقت كافٍ لسماع الأبناء لتقرب منهم حيث أن غياب أحد الأبوين يشعرهم بعدم الأمان وهنا يبدأوا في التنقيب عن الأمان والإستقرار خارج نطاق الأسرة حتى لو كانت بطرق محرمة غير شرعية ولا سيما تنشأ أمراض عدوانية وإدمان وضغوط نفسية ووحدة وانطوائية
وعدم الثقة بالآخريين فيصبح الأبناء فريسة للاستغلال المادي او الجسدي
في النهاية يجب تقديس هذا الرباط الوثيق وبين رسولنا الأمين عليه صلوات الله وسلامه عليه في حديثه الشريف
"ألا كلكم راعٍ ،وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذى على الناس راعِ، وهو مسئول عن رعيته ، الرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده ، وهى مسئول عنهم ، والعبد راعٍ على أهل سيده وهو مسئول عنه ، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته.